الشرق اليوم- دقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) جرس الإنذار، لأن المجاعة بدأت تطرق أبواب العديد من الدول في أوروبا وإفريقيا وآسيا، خصوصاً منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً الدول الفقيرة التي تعاني ظروفاً مالية واقتصادية صعبة.
إن الحرب الأوكرانية جعلت الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية، وإذا ما تواصلت الحرب واتسع نطاقها بمحاصرة موانئ البحر الأسود أو إخراجها من الخدمة، فإن الوضع سوف يزداد سوءاً، لأن سلاسل التوريد قد تنقطع، ولأن مواسم حصاد القمح والذرة وبذور عبّاد الشمس وغيرها من الغلال لن يتم حصادها إضافة إلى قلة الوقود، ما يؤدي إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، بما يهدد ملايين البشر في خبزهم اليومي، خصوصاً أن روسيا هي أكبر مصدّر للقمح في العالم بواقع نحو 37.5 مليون طن، فيما تحتل أوكرانيا المركز الخامس في التصدير بنحو 18 مليون طن، أي أنهما توفران معاً 30 في المئة من الإمدادات العالمية من الحبوب، إضافة إلى أن روسيا تحتل المرتبة الأولى عالمياً في تصدير الأسمدة النيتروجينية وهي ثاني أكبر مورد للأسمدة البوتاسية والفوسفورية.
تتوقع «الفاو» أن تؤدي الحرب إلى ارتفاع أسعار القمح ما بين 7 و8 في المئة إذا توقفت قبل منتصف العام الحالي، أما إذا تواصلت لشهور طويلة فإن الأسعار قد ترتفع أكثر من 21 في المئة، كما أن أسعار الذرة من المحتمل أن تقفز ما بين 8 و20 في المئة، والحبوب الخشنة الأخرى بنسبة 7 إلى 19.9 في المئة، والبذور الزيتية بنسبة 10.5 إلى 17.0 في المئة وفقاً لمدى استمرار الحرب.
ووفقاً ل «الفاو» فإن الحرب قد تدفع ما يصل إلى 13.1 مليون شخص إضافي نحو براثن الجوع بين عامي 2022 و2026، وهؤلاء سوف يتم إضافتهم إلى قائمة جياع العالم قبل الحرب، الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم بنحو 811 مليون شخص، أي ما نسبته عشر إجمالي عدد سكان العالم.
إن العواقب الاقتصادية والإنسانية لهذه الحرب تبدو كارثية بكل المقاييس، الأمر الذي يستدعي وقفها بأسرع وقت ممكن. إذ لا يجوز أن يتم رهن مصير العالم بسياسات تعبّر عن ازدراء بالبشرية ومستقبلها من أجل السيطرة والهيمنة والنفوذ، وصرف مليارات الدولارات على التسلح وتحديث منظومات التدمير الشامل، فيما العالم يندفع سريعاً نحو كوارث.
وفي محاولة من منظمة الأغذية والزراعة الدولية للتخفيف من تداعيات الحرب، فقد دعت إلى إنشاء مرفق عالمي لتمويل استيراد الأغذية بهدف مساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع ارتفاع الأسعار، بعدما بلغ أرقاماً فلكية في الكثير من هذه الدول التي لا طاقة لسكانها على توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة. لكن حتى الآن لا تزال هذه الدعوة تنتظر من يشارك فيها، فيما يتم صرف المليارات على الأسلحة التي يتم إرسالها إلى أوكرانيا لإطالة أمد الحرب.