بقلم: إبراهيم عبدالله العمار – صحيفة “الرياض”
الشرق اليوم – نيلسون مانديلا معروف بنضاله من أجل الحق في دولة جنوب إفريقيا، مكث في السجن ظلماً 27 سنة، وما يزال اسمه مرتبطاً بالكفاح ضد العنصرية، لكن اسمه أيضاً مرتبط بشيء آخر يسمى ظاهرة مانديلا، مُسمّى وضعته إحدى الباحثات ويصف حالة يشترك فيها الناس في استذكار شيء لم يحدث، وبدأت الحكاية لما وضعت الباحثة نفسها واسمها فيونا بروم قصة في الصحافة تزعم فيها أن لديها ذكريات لوفاة نيلسون مانديلا في السجن في الثمانينات، وتفاجأت أن آلاف الناس راسلوها وقالوا إن لديهم نفس الذكريات.
لا يمكن أن يحدث هذا، فنيلسون مانديلا لم يمت في السجن، بل خرج في النهاية وصار رئيس الدولة في التسعينات! لكنها من آثار ضعف الذاكرة البشرية والتي يمكن التأثر عليها بسهولة بفائقة، وتعرف ذلك من قصة العنكبوت الأحمر، وهو لقب لقاتل تسلسلي بولندي أرعب الناس فيما بين 1964م و1967م وارتكب عدة جرائم ضد النساء خاصة، قتل منهن 20، وأتاه اللقب لأنه يكتب رسائل بدمه إلى الشرطة يسخر منهم لأنهم لم يصلوا إليه، إلا أنه في إحدى المرات نسي أن يزيل بصماته من زجاجة بجوار جثة ضحيته الأخيرة فقبضوا عليه، والعجيب في هذا كله أن القصة كلها مختلقة! لم يوجد أي قاتل في بولندا بهذه الصفات، والقصة كلها من اختراع كاتب وضع تقريراً صحفيا عن القتلة وأضاف لها هذه من بنات أفكاره، لكن الكثيرين صدقوها بل وتناقلوا القصص عن تجاربهم مع القاتل والضحايا.
والطريف أن الظاهرة تؤثر أيضا على الأفلام، فربما أشهر سلسلة أفلام هي حرب النجوم وأشهر عبارة فيها عندما يقول الشرير دارث فيدر للبطل لوك سكايووكر: «لوك، أنا أبوك». وعلى شهرة العبارة إلا أنها لم تَرِد هكذا، بل السطر هو: “«لا، أنا أبوك»، ورغم قصرها وشهرة الفيلم البالغة إلا أن هذا لم يمنع الناس أن يتذكروا هذا الخطأ حتى الذين شاهدوا الفيلم.
وسنرى هذه الظاهرة بلا توقف!