افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – بالتوازي مع الحرب الاقتصادية والمالية والتقنية ومحاولة الحصار السياسي والعسكري، تخوض الولايات المتحدة حرباً كلامية مع الصين في إطار السعي إلى تشويه صورتها أمام العالم، وإظهارها كدولة خارجة على القانون ومنتهِكة لحقوق الإنسان، وساعية إلى الهيمنة وزعزعة الاستقرار.
وجاءت الحرب الأخيرة في أوكرانيا، وموقف الصين منها لتصب الزيت على العلاقات المتوترة أصلاً بين واشنطن وبكين التي ترى أنها وصلت إلى طريق مسدود؛ لأن الإدارة الأمريكية لا تكف عن «محاولة شيطنتها».
آخر فصول الحرب الكلامية كان ما صدر عن ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية الأمريكي، خلال زيارتها قبل أيام إلى بروكسل واجتماعها مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، حيث دعت الصين إلى «تعلّم الدروس الصحيحة من الوضع في أوكرانيا»، ما استدعى رداً سريعاً من المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان، أكد فيه «أن موقف الصين من القضية الأوكرانية علني وعادل وموضوعي ولا يثير الشكوك. وبخلاف ذلك، فإن الولايات المتحدة هي من تملك سجلاً سيئاً». وأضاف: «ننصح الولايات المتحدة بأن تنظر في المرآة، وأن تدير شؤونها الخاصة بشكل صحيح قبل أن تشير بأصابع الاتهام واللوم إلى الآخرين».
إن دعوة الصين، الولايات المتحدة للنظر في المرآة كي ترى حقيقتها، تستدعي وقفة صريحة إزاء ما يمكن أن تراه واشنطن في المرآة، وما يمكن أن تراه بكين.
كانت الصين دولة نامية عملت خلال سنوات قليلة على تحديث نفسها وانتهاج سياسة اقتصادية خاصة بها قفزت من خلالها إلى مصافّ الدول المتقدمة صناعياً، وأصبحت قوة اقتصادية هائلة تنافس الدول التي كانت تهيمن على الاقتصاد العالمي. وشقت لنفسها طريقاً يمزج بين الاشتراكية والليبرالية، مستمداً من تجربة تاريخية وثقافية وسياسية مديدة، وانتهجت طريق الحياد الإيجابي كخط سياسي، وكانت شريكاً مؤسساً لمنظومة عدم الانحياز. ثم إن تراثها خالٍ من الاستعمار والهيمنة والحروب الخارجية، وإضافة إلى ذلك، فإنها لا تستخدم علاقاتها وسيلة للضغط والابتزاز والتآمر.
ولعل مبادرة «الحزام والطريق» التي تربط العام بحراً وبراً، بهدف الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي وتسريع النمو الاقتصادي، النموذج الذي تقدّمه الصين للعالم في كيفية بناء علاقات مبنية على التعاون والتكامل وصولاً إلى تحقيق الأمن والسلام العالميين.
أما إذا نظرت الولايات المتحدة في المرآة، فإنها تجد أمامها الحروب والغزو والتدخل في شؤون الدول الأخرى، إضافة إلى العقوبات وعمليات حصار اقتصادي أودت بحياة الملايين. القائمة طويلة، أمام الدولة المهيمنة التي لديها نحو 750 قاعدة عسكرية في أكثر من 130 دولة.
فهل تريد الولايات المتحدة هذه النظر في المرآة؟