افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – أربعة أيام تفصل فرنسا عن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي يتقرر فيها من يدخل قصر الإليزيه لمدة خمس سنوات.
الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون زعيم حزب «الجمهورية إلى الأمام»، يخوض معركة مصيرية ضد مارين لوبان زعيمة «حزب التجمع الوطني» اليميني باعتبارهما حلّا في المركزين الأول والثاني في انتخابات الجولة الأولى التي جرت يوم العاشر من الشهر الحالي.
الفارق بين الاثنين في الجولة الأولى بلغ حوالى أربع نقاط (27.6 في المئة لماكرون) و(23.4 في المئة للوبان)، في حين تعطي استطلاعات الرأي في الجولة الثانية أفضلية لماكرون تبلغ خمسة أو ستة في المئة، ومع ذلك فإن هذه الاستطلاعات قد لا توفر المعطيات الحقيقية لنوايا الناخبين، ذلك أن الحملات الانتخابية لماكرون ولوبان متواصلة لكسب أصوات المترددين، أو أصوات المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ في الجولة الأولى.
يذكر أن لوبان تخوض الانتخابات الرئاسية للمرة الثالثة. ففي عام 2012 حصلت على 17.90 في المئة من الأصوات، وحصلت في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2017 على 33.9 في المئة، وهي الانتخابات التي فاز فيها ماكرون بنسبة 66.1 في المئة من الأصوات.
هذا يدل على أن لوبان تحقق تقدمأ متزايداً، وأن فرنسا تتجه حثيثاً نحو اليمين، بسبب فشل الأحزاب التاريخية مثل الاشتراكي والجمهوري والشيوعي في أن تمثل التطلعات الشعبية، وهو ما أفسح المجال لماكرون الذي لا ينتمي للطبقة السياسية أو للأحزاب التقليدية أن يصبح رئيساً من خلال تشكيل حزب «الجمهورية إلى الأمام» تلبية لتوق الفرنسيين إلى التغيير.
لكن، ماذا لو حدثت مفاجأة وفازت لوبان في الجولة الثانية؟ سؤال طرحه أكثر من محلل سياسي متابع للانتخابات الرئاسية الفرنسية. قد يكون السؤال افتراضياً، لكن في السياسة لا شيء مستحيلاً.
في صحيفة «الصنداي تايمز» مثلاً، تساءل محرر الشؤون الأوروبية بيتر كونرادي عن شكل فرنسا في ما لو فازت لوبان، وَرَصَد ما أحرزته سياساتها من نجاح بالنسبة للفرنسيين، وتعهدها بزيادة مداخيلهم والتقديمات الخاصة بالإسكان والتوظيف والرعاية الاجتماعية، إضافة إلى خفض القيمة المضافة على الوقود وتقديم الفرنسيين على المهاجرين، وكلها قضايا تلامس هموم المواطنين.
وفي صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية قال المعلق الرئيسي للشؤون الخارجية جدعون راشمان «بدلاً من استبعاد فرص لوبان، حان الوقت للتفكير بجدية في ما سيعنيه فوزها المحتمل لفرنسا وخارجها»، وتساءل: «هل ما زالت لوبان سياسية يمينية متطرفة أم أن رئاستها قد تكون أقل صدمة مما يتصوره الكثيرون»؟
من الواضح أن لوبان تغيرت قليلاً عن السابق، فقد خففت من تطرفها بعد إزاحة والدها عن قيادة الحزب، وتخلت عن المطالبة بالدعوة إلى التخلي عن اليورو والعودة إلى الفرنك، واستعادة عقوبة الإعدام، كما تخلت عن معارضة الاتحاد الأوروبي، وأصبحت تدعو إلى إصلاحات داخل الكتلة الأوروبية.
لكن تبقى مواقفها المعادية للمهاجرين ودعوتها لحظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة نقطة سوداء تعبّر عن توجه عنصري ضد الأجانب والفرنسيين من أصول غير فرنسية.