بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – تساءلت، الأسبوع الماضي، هل قاربت الحرب الروسية في أوكرانيا على الانتهاء؟ ورجحت أن تكون الإجابة نعم، وهو لا يزال السيناريو الراجح بالنسبة لي، معتقدًا أن الحرب ستنتهي مع عيد الفطر المبارك، (مع أنه لا علاقة بين الاثنين).
ولكن ماذا عن السيناريو الآخر الذي رجحه بعض الخبراء، أي استمرار الحرب؟ وما نتائجه على طرفي المواجهة، أي روسيا وأوكرانيا؟
ورغم أننا كما قلنا لا نتوقع استمرار الحرب، ولكن ماذا لو استمرت لأسابيع قادمة تتجاوز الشهرين؟ الحقيقة أن كل السيناريوهات يجب أن تكون حاضرة في التحليل السياسي سواء ما يتعلق بحرب أو سلم، وأن استمرار الحرب لفترة طويلة لن يكون في صالح روسيا، وسيمثل نزيفًا لقوتها العسكرية والاقتصادية سيُضعف من قوتها على الساحة الدولية، وهو عكس الهدف الذي قام عليه الهجوم الروسي، الذي لا يزال قريبًا من تحقيق نجاح غير كامل.
تراجع روسيا عن اقتحام العاصمة كييف، رغم قصفها أمس، ردًّا على غرق الطراد الروسي «موسكفا»، والذي مثّل ضربة قوية للبحرية الروسية، يعني أن روسيا تراجع حساباتها العسكرية والاستراتيجية، وأن تركيزها على مدن الشرق واحتلالها ميناء «ماريوبول» الاستراتيجي يعنى أنها مستمرة في حربها حتى تحقق أهدافها، التي تغيرت فقط تكتيكاتها.
لقد انسحبت القوات الروسية من محيط كييف ومدن أخرى قريبة منها، وبدا واضحًا أنها تركز على مدن الشرق، ولم تعد حريصة على السيطرة على كل الأراضي الأوكرانية، إنما المناطق التي تمثل أهمية استراتيجية لها مثل «ماريوبول»، التي ستؤدي إلى إنشاء ممر يربط بين منطقة الدونباس وشبه جزيرة القرم، وإحكام سيطرتها على بحر آزوف.
لقد أصبح الهدف الروسي واضحًا، هو ضمان حياد أوكرانيا وعدم وجود أي أسلحة استراتيجية نووية أو غير نووية داخل أراضيها، ولن يفرق معها بقاء النظام الحالي أو تغييره، أو دخول العاصمة كييف أو قصفها.
استمرار الحرب لأشهر أو قرب انتهائها في أسابيع سيتوقف على قدرة روسيا على كسر إرادة المقاومة لدى أوكرانيا، ودفعها إلى الاقتناع الكامل بأن الغرب لن ينقذها من الهجوم الروسي، وأنها تدفع كل يوم ثمنًا باهظًا من أرواح شعبها وبنية مدنها جراء استمرار هذه الحرب، بالمقابل فإن صمود أوكرانيا مع العقوبات الاقتصادية الغربية الصارمة على روسيا سيُضعف من أوراق روسيا وقدرتها على تحقيق أهدافها الاستراتيجية من هذه الحرب.
استمرار الحرب لفترة طويلة قادمة لن يكون في صالح روسيا، وأي محاولة جديدة لها لاقتحام العاصمة الأوكرانية ستعني تخبط استراتيجيتها، وربما فشلها، في حين أن الراجح أنها ستركز جهودها على بسط سيطرتها الكاملة على مدن الشرق لتكون ورقتها الرئيسية في أي مفاوضات قادمة، حتى لو قصفت العاصمة وباقي المدن كل يوم.