بقلم: عبدالله الجنيد – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – المشهد الذي ضم الرئيس بايدن ونائبة الرئيس هاريس، بالإضافة للرئيس السابق باراك أوباما في البيت الأبيض، عبر عن عمق الأزمة التي تعيشها هذه الإدارة في ظل تراكم الملفات وتضاؤل حظوظ الحزب «الديمقراطي» في الاحتفاظ بالأغلبية في الكونجرس بغرفتيه بعد الانتخابات النصفية المقبلة. إلا أن لجوء الإدارة للاستعانة بالعتيد أوباما في هذه المرحلة قد أضر بالرئيس بايدن على المستويين المحلي والدولي، ولم يُسهم المشهد في تمثيل الرافعة السياسية المرجوة لنائبة الرئيس هاريس، خصوصاً بعد بلوغ معدل التضخم 6.5% في حين بلغ الارتفاع في مؤشر السلع الاستهلاكية 8.5% لآخر 12 شهراً (بنهاية مارس الماضي/ بحسب تقرير صادر عن AP بتاريخ 12 أبريل الجاري).
الاقتصاد، الأزمة الأوكرانية والملف الإيراني هي أمور ستحدد مستقبل هذه الإدارة، إلا أن مسار فيينا لم يعد المسار الوحيد في الملف الإيراني، وذلك ما كشفت عنه النائبة «الجمهورية» كلوديا تيني في مقال نشرته على موقع مجلة «نيوزويك» الأميركية بتاريخ 14 من أبريل الجاري بعنوان (ماذا يخفيه مبعوث بايدن لإيران) بعد جلسة استماع مغلقة أجرتها لجنة العلاقات الخارجية للمبعوث الأميركي روبرت مالي. والجدير بالذكر أن «مالي» هو من اشترط سرية الجلسة وأن لا تكون علنية، وبغض النظر إنْ كانت النائبة قد وظفت ما أفصح عنه في تلك الجلسة لخدمة أهداف سياسية خاصة أو عامة، إلا أن مضمون ذلك المقال جدير بالقراءة واهتمام صناع القرار في الشرق الأوسط.
ما يجدر الإشارة له هنا، أن روبرت مالي رفض عدة دعوات من لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب بغرض تقديم إحاطة حول واقع المفاوضات حول الملف الإيراني، مما استدعى اللجنة لتوجيه خطابٍ مباشر للوزير بلينكن بضرورة انصياع روبرت مالي لرغبة اللجنة، عندها اشترط الأخير على أن تكون مغلقة وأن تقتصر على أعضاء اللجنة فقط. ما كشفت عنه النائبة «تيني» هو وجود مسار أميركي روسي حول هذا الملف، وذلك ليس بالمستغرب حتى وإن كليهما على طرفي نقيض في الأزمة الأوكرانية.
إلا أن تفاصيل ما عرضته واشنطن على طهران من خلال موسكو هو مصدر القلق، وبحسب ما أفصحت عنه «تيني»، فإن مجموع ما سوف تتحصل عليه طهران قد يتجاوز 120 مليار دولار، وإن عشرة من تلك المليارات ستكون نظير الإفراج عن مواطني الولايات المتحدة المحتجزين من قبل طهران. كذلك لن تتطرق الاتفاقية لسياسات إيران العدائية تجاه جوارها في الشرقين الأوسط والأدنى، أو برنامجها الصاروخي أو دعم تنظيمات وأحزاب مصنفة «إرهابية»، بل وسيشمل رفع أسماء بعض قيادات الحرس الثوري عن قائمة الإرهاب في حال تعثر رفع اسم الحرس الثوري عن القائمة نتيجة ضغوط سياسية. ولا أعتقد أنه من الضروري إشراك القارئ بما سيتمخض عنه الاتفاق حول برنامج إيران النووي، لأنه لن يكون أسوأ من سابقه (اتفاق 2015) بل كارثي على الولايات المتحدة ومصالحها الاستراتيجية بحسب وصف النائبة «تيني».
تعدد المسارات لا يمثل مصدر القلق هنا إنما انعدام الشفافية حول ذلك من قبل واشنطن واستخفافها بمصالح حلفائها في المنطقة، وفي حال أعلنت الأطراف (6+1) عن توصلها إلى اتفاق مضمونه ما قد أفصح عنه في المقال آنف الذكر، فما هو موقف دول المنطقة منه، وهل سيقود ذلك لسباق تسلح نووي في الشرق الأوسط. وحينها ماذا سيكون عليه موقف واشنطن؟ وذلك هو سؤال المليون.