الشرق اليوم– فيما يدخل الصراع الروسي الأوكراني مرحلته الحاسمة، فإن الولايات المتحدة تستنزف الخيارات المتوفرة ضمن إطار استراتيجية “ترسانة الديمقراطية” التي تتبعها لدعم حكومة أوكرانيا.
ويشار إلى أن استراتيجية “ترسانة الديمقراطية” تشبه الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة إلى بريطانيا في عامي 1940-1941 إبان الحرب العالمية الثانية، وأن اتباع هذه الاستراتيجية يتيح لواشنطن تفادي التدخل مباشرة في النزاع والعمل مع حلفائها وشركائها على إمداد حكومة كييف بالمال والسلاح.
وتم التحذير من أن استنزاف “ترسانة الديمقراطية” الأمريكية في وقت تستعد فيه القوات الروسية لتعزيز سيطرتها على شرق أوكرانيا “قد يجلب إلى القوات الأوكرانية عجزا فتاكا ويكشف نقاط ضعف لدى الولايات المتحدة قد تصبح جلية في الصراع المستقبلي بين القوى الكبرى”.
ويذكر أن صادرات الأسلحة، منها طائرات مسيرة وصواريخ مضادة للدروع والجو وذخيرة وغيرها من القدرات العسكرية تتجاوز من حيث الأهمية كل أنواع الدعم الأخرى التي تتلقاها كييف من واشنطن وحلفائها.
أبلغ قائد الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي الجنرال مارك ميلي، الكونغرس، بأن الغرب سلم 60 ألف منظومة مضاد للدبابات و25 ألف منظومة مضادة للجو إلى كييف، وأن البنتاغون يعمل حاليا على وضع خطط لتقديم المزيد من المدفعية والطائرات المسيرة الساحلية وغيرها من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى أوكرانيا، بينما أعلن البيت الأبيض عن تخصيص حزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 800 مليون دولار إلى كييف.
لم يستعد الرئيس الأمريكي جو بايدن، لمثل هذه الحرب، فإن التقييمات الأمريكية الأولية كانت تقضي بسيطرة روسيا سريعا على معظم أراضي أوكرانيا مع دعم واشنطن مقاومة محدودة ومنخفضة الشدة.
وبدلا عن ذلك، أدت المقاومة الأوكرانية الناجحة إلى اندلاع مواجهة تقليدية بالغة الشدة متواصلة بما يجلبه ذلك من استهلاك الذخائر بكميات هائلة واستنزاف الأصول العسكرية الرئيسية بوتائر متسارعة.
وأكد مسؤولون في البنتاغون، أن كييف تستخدم يوميا كميات من الذخيرة المضادة للدبابات مخصصة لمدة أسبوع، وتعاني من نقص في الطيران الحربي نتيجة للضربات الروسية وكذلك في الذخيرة والمعدات العسكرية في مدينة ماريوبول ومناطق قتال أخرى.
ويجبر هذا الوضع، دول الغرب على الاختيار بين تكثيف مساعداتها العسكرية إلى كييف والحفاظ على القدرات التي قد تحتاج إليها للدفاع عن النفس.
ويشار إلى أن الولايات المتحدة خصوصا كانت قد سلمت إلى كييف ثلث احتياطاتها من صواريخ “جافلن”، ومن الصعب بالنسبة لها مواصلة هذه الإمدادات دون الإضرار بقراتها الدفاعية، بينما ستطلب زيادة حجم الإنتاج أشهرا أو حتى سنوات.
وقد تحتاج كييف إلى دعم أكبر بشكل ملموس من الغرب بغية مواجهة القوات التي تحشدها روسيا في شرق أوكرانيا، خاصة وأن التضاريس المفتوحة لهذه المنطقة تقيد قدرة القوات الأوكرانية على الدفاع عن مواقعها.
كما ستحتاج كييف إلى أسلحة أحدث وأكثر تركيبا، مثل دبابات وطائرات حربية، بغية حرمان روسيا من التفوق الحاسم وشن هجوم مضاد إذا باء هجوم القوات الروسية المتوقع في الشرق بالفشل.
وتملك كييف فرصة للانتصار في هذا النزاع، غير أن “ثمن أي انتصار سيكون مذهلا، فيما يخص المعدات بقدر لا يقل عما يخص الأرواح”.
إن النزاع في أوكرانيا يسلط الضوء على المشاكل التي قد تواجهها الولايات المتحدة في حرب محتملة ضد روسيا والصين، موضحا أن احتياطيات واشنطن للصواريخ والأسلحة الموجهة عالية الدقة وغيرها من القدرات العسكرية ذات الأهمية القصوى ستستنفد في غضون أيام أو أسابيع، إذا اضطرت أمريكا إلى خوض حرب في شرق أوروبا أو غرب المحيط الهادئ، ناهيك عن خسائر فادحة من المتوقع أن تتكبدها الولايات المتحدة في الدبابات والطائرات والسفن الحربية والأصول العسكرية المركبة الأخرى بالغة التكلفة التي يصعب استبدالها.
ففي الحربين العالميتين بالقرن الماضي حققت أمريكا انتصارا بفضل قاعدتها الإنتاجية الفريدة، لكن اليوم ربما لم يعد من الممكن تجديد ترسانة العالم الحر بنفس السهولة”.
المصدر: روسيا اليوم