الشرق اليوم- منذ أن تم تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، دخلت ليبيا في متاهة أزمة سياسية ما زالت ترخي بظلالها على الوضع الداخلي، ووصلت إلى حد انسداد كل طرق العودة إلى المسار السياسي ووضع الحلول التي ترضي كل الأطراف والقوى السياسية والعسكرية والميليشاوية التي تتصارع على السلطة.
وعلى الرغم من تكليف مجلس النواب الليبي في فبراير/شباط الماضي، فتحي باشاغا بتشكيل حكومة انتقالية تتولى تنظيم انتخابات جديدة، خلفاً لحكومة عبد الحميد الدبيبة، فإن الأخير يرفض تسليم سلطاته ويصرّ على أنه رئيس الحكومة الشرعي.
وفي خطوة تستهدف تمهيد الطريق للمسار السياسي والدستوري، أصدر البرلمان الليبي في السابع من إبريل/نيسان الحالي، قراراً بتشكيل لجنة من 12 نائباً لمراجعة المواد الخلافية حول قاعدة الدستور لإجراء الانتخابات. وقد استضافت القاهرة يوم الأربعاء الماضي، اجتماعات هذه اللجنة بحضور وفد من مجلس الدولة، برعاية الأمم المتحدة ممثلة بستيفاني وليامز مبعوثة الأمين العام، على أن تستمر الاجتماعات حتى العشرين من الشهر الحالي.
وليامز وخلال الجلسة الافتتاحية، أكدت “أن الشعب الليبي يؤمن بالحل النهائي للقضايا التي تؤرق ليبيا، عبر انتخابات تجري بناء على قاعدة دستورية متينة، وإطار انتخابي يمثل حماية للعملية الانتخابية بمعالم واضحة وجداول زمنية تمكّن من المضي قدماً”.
وعلى الرغم من أن وليامز، أبدت تفاؤلاً إزاء نتائج الاجتماعات، ووصفتها “بالفرصة الذهبية” لمجلسي النواب والدولة “للتقدم نحو بر الأمان للشعب الليبي”، فإن الأمر لا يخلو من عقبات نظراً لاختلاف المواقف والتوجهات بين المشاركين بشأن العديد من القضايا الداخلية، إضافة إلى العقد المتمثلة في حل العديد من العقبات مثل المصالحة الوطنية، وتوحيد القوى الأمنية، وحل الميليشيات المسلحة المحلية أو دمجها في الجيش، إضافة إلى ترحيل القوات الأجنبية والمرتزقة. ذلك أن هذه العقبات كانت أحد أسباب تأجيل انتخابات ديسمبر/كانون الأول الماضي، وستظل تقف عقبة أمام الانتخابات الجديدة في حال تم الاتفاق عليها، وعلى القاعدة الدستورية التي ستقام على أساسها.
لقد لعبت مصر دوراً مهماً في التمهيد للاجتماع وتوفير مستلزمات نجاحه؛ إذ استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل نحو أسبوعين رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي؛ حيث أكد السيسي “دعم مصر لكل ما من شأنه تحقيق المصلحة العليا لليبيا والحفاظ على وحدة أراضيها وتفعيل الإرادة الحرة للشعب الليبي، وصولاً إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تتيح للشعب الليبي تقرير مصيره واختيار قياداته وممثليه”.
اللجنة المجتمعة في القاهرة مهمتها مراجعة المواد مجال الخلاف في مشروع الدستور المنجز من قبل الهيئة التأسيسية وإجراء تعديلات عليه، ثم عرضه للاستفتاء.
إنها “فرصة ذهبية” جديدة، إذا نجحت القوى الليبية في تحويل ليبيا من ساحة للصراع إلى ساحة للأمل والسلام.