بقلم: حسن مدن – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – قياساً إلى بقية المتنافسين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لم يعطِ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وقتاً كبيراً ولا عناية خاصة لحملته الانتخابية. ولم يكن هناك وقت طويل يفصل عن موعد هذه الانتخابات حين اندلعت الحرب في أوكرانيا، فركّز ماكرون جهوده على مواجهة تحدي هذه الحرب التي يخشى الأوروبيون تبعاتها الكبيرة عليهم، اقتصادياً وسياسياً، وحتى عسكرياً، بل إن جهود ماكرون في هذا الاتجاه سبقت الحرب، حين بات مرجّحاً أنها ستندلع في أية لحظة.
ورغم حملته الانتخابية قصيرة الأمد، حلّ ماكرون أولاً في نتائج الجولة الأولى من الانتخابات، متغلباً على منافسته مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، التي تأهلت معه للدور الثاني من الانتخابات، بعد أسبوعين، وبشيء من النظر سنجد أن ماكرون، في مساعيه، لاحتواء آثار حرب أوكرانيا، كان فعلياً يخوض معركته الانتخابية، ولكن خارج فرنسا، لأن هذا الدور عزز من مكانته في أعين قطاعات مهمة من الناخبين الفرنسيين، رغم ما قيل عن تراجع شعبيته في الفترة الأخيرة.
تصدُّر كل من ماكرون ولوبان نتائج الجولة الأولى من الانتخابات لم يكن مفاجأة للمراقبين ولا للرأي العام، فذلك ما ذهبت إليه أغلبية استطلاعات الرأي العام، رغم أنها أبقت هامشاً لاحتمال إزاحة لوبان عن الموقع الثاني من قِبل مرشح اليسار المتطرف، ميلانشون، ليتأهل هو لمنافسة ماكرون في جولة الإعادة، ومع أن هذا لم يحدث، لكن ميلانشون حصد نسبة عالية من الأصوات تقترب كثيراً من تلك التي نالتها لوبان.
تعويل ماكرون على فوزه شبه المؤكد في جولة الإعادة لا ينطلق فقط من رضا قطاعات واسعة من الرأي العام عن طريقة إدارته لتداعيات حرب أوكرانيا، التي ميّزته، ولو في حدود، عن الطريقة التصعيدية التي تتعامل بها كل من واشنطن ولندن خاصة، وإنما من رهانه على أن الأصوات التي نالتها أغلبية المرشحين في الجولة الأولى ستذهب إليه، لا عن قناعة به وبأدائه، وإنما للحيلولة دون فوز لوبان، وعلى سبيل المثال، فإن المرشح اليساري ميلنشون الذي حلّ ثالثاً حذّر منتخبيه من منح ولو صوت واحد للوبان، فيما دعا مرشحو حزب الخضر، والحزبين الشيوعي والاشتراكي، بدورهم، إلى التصويت لماكرون في الدورة الثانية.
الرجحان الظاهر لكفة ماكرون، لا يمنع المفاجآت حتى لو بدت مستبعدة، فقد تنجح منافسته في استنهاض ناخبين آخرين لدعمها، كما أن المرشح اليميني المتطرف إريك زمور، الذي حصل على نحو سبع في المئة من الأصوات في الجولة الأولى، حثّ ناخبيه على التصويت للوبان، فرغم خلافاته معها، أشار إلى أنها في مواجهة «رجل أدخل مليوني مهاجر ولم يتطرق البتة إلى موضوع الهوية».