الرئيسية / مقالات رأي / لاجئو أوكرانيا.. ونظام إعادة التوطين الأميركي

لاجئو أوكرانيا.. ونظام إعادة التوطين الأميركي

بقلم: لوما مفلح – صحيفة “الاتحاد”

الشرق اليوم – إليكم حقيقة قاسية: إذا كانت الولايات المتحدة ستعامل اللاجئين الأوكرانيين بالطريقة نفسها التي عاملت بها اللاجئين القادمين من بلدان مثل أفغانستان أو المكسيك، فعلينا ألا نعرض استقبالهم. فمن وجهة النظر الأخلاقية والحقوقية، تقع على الولايات المتحدة مسؤولية الترحيب باللاجئين وطالبي اللجوء. ولكن في السنوات الأخيرة، لم يؤد النظامان الخاصان بالهجرة وإعادة التوطين إلا إلى تأخير الدعم ونقض الوعود بالنسبة لآلاف الأشخاص الباحثين عن الحماية من الحروب أو الجرائم أو الاضطهاد أو الكوارث الطبيعية. وبعد أن قلّص الرئيس دونالد ترامب بشكل مهم عدد اللاجئين الذين يُسمح لهم بدخول البلاد – من 85 ألف لاجئ في 2016 إلى 18 ألف لاجئ في 2020 – رفع الرئيسُ جو بايدن العدد إلى 125 ألف بالنسبة لـ2022. ولكن بعد مرور ستة أشهر على السنة المالية للحكومة، لم نستقبل سوى أقل من 9 آلاف لاجئ. وبتلك الوتيرة، من المستحيل تخيل أننا سنستطيع تحقيق وعد الإدارة الأخير باستقبال 100 ألف أوكراني. لقد زرتُ أسراً أفغانية محتجزة منذ أشهر بأماكن مؤقتة في قواعد عسكرية أميركية أو فنادق، وغير قادرة على العمل أو إرسال أطفالها إلى المدرسة. الكثير من أولئك اللاجئين عملوا مؤخراً مع الأميركيين أو قاتلوا إلى جانبهم في محاولة لتخليص بلدهم من حكم طالبان. وإذا كان المتطوعون في شبكة المدارس الخاصة باللاجئين غير الربحية التي أترأسُها في ولايتي أوهايو وجورجيا قد نجحوا في تسجيل عدد من الأطفال المنتمين لهذه الأسر في مدارس محلية، فإن جهودنا ليست بديلاً لبرنامج حقيقي لتمكين كل أطفال اللاجئين من إمكانية الوصول إلى التعليم المخول لهم بموجب القانون الأميركي والدولي. ولنقارن ذلك بالوضع في أوروبا. فالمدارس هناك تفتح أبوابها في وجه الأطفال الأوكرانيين، والبلدان من ليتوانيا إلى البرتغال تسرع في توفير وظائف للمهاجرين الأوكرانيين كجواب على نقص العمالة في القارة. ولنتأمل أيضاً الصور المؤثّرة من بولندا لعربات أطفال رضع مصفوفة على أرصفة محطة القطار الحدودية للترحيب بالأمهات الأوكرانيات ومواليدهن الجدد. ولنقارن ذلك مع الولايات المتحدة، حيث رأينا قبل وقت ليس بالطويل صوراً لأطفال يصطفون داخل أقفاص في الحدود مع المكسيك، نتيجة سياسة الفصل القسري للأطفال المهاجرين عن أسرهم التي اتبعها هذا البلد. انتخاب بايدن شكّل تحولاً عن سياسات ترامب الجذرية. والبعض يشجع مقترح ميزانية الرئيس لـ2023 القاضي بمضاعفة التمويل لمساعدة اللاجئين وأعداد دخولهم من مستوى 2021. غير أن قلة التمويل لا يبدو أنها هي سبب عدم فعالية برنامجنا الخاص بإعادة التوطين. القواعد العسكرية عبر البلاد حُوِّلت إلى مخيمات لاستيعاب اللاجئين الأفغان القادمين. وقد أخبرني ضابط بقاعدة «فورت ديكس»، في ولاية نيوجيرسي، حيث التقيت أسراً تنتظر مساعدات إعادة التوطين والتشغيل، بأنه من أجل الرد على تدفق اللاجئين، أنفقت القاعدة ملايين الدولارات على الحصى حتى لا ينزلق الوافدون على الثلج – رقم لا يصدق لدرجة أن المرء يتساءل ما إن كانت تلك مزحة سمجة. ولكن بغض النظر عن ذلك، فإن الظروف في القاعدة كانت سيئة لدرجة أن الكثير من الأطفال الـ2400 الذين في سن التعلم كانوا ينتعلون نعال الشاطئ في شهر ديسمبر. وعلى المرء أن يفكر في ما يمكن تحقيقه بملايين الدولارات إن طبّقت على الاحتياجات الإنسانية الحقيقة للاجئين.
تخيل استخدام تلك الموارد والوقت في القواعد العسكرية لتعليم الطلبة وإعدادهم بشكل أفضل لدخول المدارس الأميركية – أو لتقديم تدريب مهني للكبار، حتى يلتقوا بمشغِّلين في مناطقهم الجديدة. كناشطة مدافعة عن حقوق اللاجئين – وابنة وحفيدة لاجئين – رأيتُ مباشرة القيمة التي يجلبها اللاجئون إلى الشركات والمناطق حين يُمنحون إمكانية الوصول إلى التعليم والتشغيل وحقوق الإنسان الأساسية. وفي هذا الإطار، يُظهر تقرير من منظمة «الاقتصاد الأميركي الجديد» البحثية المدافعة عن حقوق المهاجرين أن اللاجئين أكثر ارتقاء اجتماعية وأكثر تشبعاً بروح المبادرة وريادة الأعمال من بقية السكان الأميركيين، بما في ذلك فئات أخرى من المهاجرين. وبالنظر إلى أكثر من 50 مليار دولار من قوة الإنفاق، يدعم اللاجئون الاقتصادات المحلية ويدفعون ما يربو عن 20 مليار دولار من الضرائب للحكومات المحلية والولائية والفيدرالية كل سنة. ووفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي، الـ«إف بي آي»، فإن معدلات الجرائم العنيف وجرائم السرقة انخفضت في 9 من أصل 10 مدن أعادت توطين أكبر عدد من اللاجئين مقارنة مع عدد السكان بين 2006 و2015. وفضلاً عن ذلك، يُعد اللاجئون أكثر ميلاً إلى اكتساب الجنسية الأميركية كمواطنين أميركيين من مهاجرين آخرين، وذلك لأن أولئك الذين يصلون الولايات المتحدة هرباً من الخطر يؤمنون بقيمتي الحرية والديمقراطية. ولهذا، ينبغي استقبالهم بكرامة وحرية. غير أنهم إذا كانوا محظوظين بما يكفي ونجحوا في الوصول إلى هنا، نكافئهم بالعراقيل والتعقيدات البيروقراطية، بدلاً من تمكينهم من الوسائل التي يحتاجونها من أجل إعادة بناء حيواتهم. وعليه، لقد آن الأوان لكي تُصلح الولايات المتحدة برنامجها لإعادة توطين اللاجئين، ولكي تكون من جديد في مستوى وعد الفرصة الأميركية للعمل، وتلقي التعليم، والمساهمة في المجتمع. فالعملية ينبغي أن تكون أكثر إبداعاً وأقل بيروقراطية، أكثر رحمة وأقل قسوة. باختصار: أن تكون أميركية أكثر!

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …