افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – التفاؤل بأن اليمن يتجه في طريق إنهاء الحرب واستعادة الاستقرار، له ما يعززه في المتغيرات الداخلية والإقليمية، بعد تفويض الرئيس عبد ربه منصور هادي سلطاته الدستورية إلى مجلس قيادة رئاسي ستكون مهمته الأساسية العمل على إنهاء النزاع المدمر والتفاوض مع الحوثيين الذين مازالوا يناورون ويبحثون عن ذرائع للتنصل من الرد على الدعوات الصريحة للسلام.
العوامل الإقليمية والدولية تصب في اتجاه تهدئة شاملة تهيئ الظروف كي يُعيد اليمنيون، من مختلف توجهاتهم ومناطقهم، ترتيب بيتهم الوطني والسعي إلى حل الخلافات المزمنة. ويظهر الترحيب العربي والدولي بالقيادة اليمنية الجديدة أن هناك التفافاً كبيراً ورهاناً واسعاً على استثمار هذه الفرصة وعدم تفويتها بما يسمح بتخفيف آلام الشعب اليمني ومساعدته على طي أسوأ صفحات تاريخه الحديث. وكان تحالف دعم الشرعية على عهده في الالتزام بالوقوف إلى جانب الأشقاء في اليمن وتقديم كل عون ومساعدة للمجلس الرئاسي الجديد، لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، والتحضير لمفاوضات مصيرية مع جماعة الحوثي بهدف التوصل إلى حل سياسي ينهي الحرب ويفتح مساراً للسلام بإشراف الأمم المتحدة.
رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، خاطب اليمنيين بواقعية عن ظروف البلاد ومطالب الشعب المشروعة في مختلف المجالات، مؤكداً أن المجلس الرئاسي، الذي يقوده، مجلس سلام لا حرب، هدفه توحيد الصف اليمني ومعالجة التحديات السياسية والاجتماعية، والأمنية «شمالاً وجنوباً» دون تمييز أو استثناء. فالشعب اليمني عرف في السنوات العشر الأخيرة، ولاسيما بعد الانقلاب الحوثي، أسوأ ما عرف في قرون.
وفي ظل الصراع انهارت الخدمات الأساسية وعم الفساد والخراب مع الدمار أرجاء اليمن. وإزاء الوضع المأساوي الذي يتدهور ويتفاقم سياسياً واقتصادياً وأمنياً، كان مطلوباً اتخاذ خطوة سياسية شجاعة، من جانب السلطة الشرعية، تكسر رتابة المشهد وتعيد ترميم المشروع الوطني من أجل تحقيق اصطفاف حقيقي لا تتخلله نعرات الانفصال وشبكات الفساد والأفكار المتطرفة والتدخلات الأجنبية.
معركة السلام التي سيخوضها اليمنيون لن تكون سهلة وربما تكون أطول وأقسى من زمن الحرب، فالحوثيون الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء، مازالوا يتمردون على دعوات التهدئة، ويستمرون في الخروقات للهدنة المعلنة من جانب تحالف دعم الشرعية والأمم المتحدة، وهذا السلوك لن يكون مجدياً إذا تمادى وتجاوز حدود الصبر والحلم لدى الشرعية.
ومع ذلك مازال الرهان قائماً على أن يجنج الحوثيون للسلم وينخرطوا في مصالحة تاريخية مع أبناء وطنهم الآخرين. فهذه الحرب، المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات، لن تحسمها المعارك والقصف والطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، وإنما انخراط الجميع، دون تأخير، في مفاوضات سلام تضع أسس يمن جديد يكون فيه أفق للاستقرار والتعايش المشترك والأمل بغد أفضل.
هذا الطموح لن يكون مستحيلاً ولا عسيراً. وتعزيزاً للتفاؤل بأن هذه الفرصة لن تضيع، قد تحمل الأيام القليلة المقبلة بشائر خير عن توجه لا رجعة فيه لتحقيق السلام وإنهاء حقبة الصراع في اليمن، على الرغم من التحديات الجسيمة والعراقيل الطبيعية والمصطنعة.