الرئيسية / مقالات رأي / لقاء علييف وباشينيان جنّب القوقاز حرباً أخرى

لقاء علييف وباشينيان جنّب القوقاز حرباً أخرى

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم – أياً كان من رتّب اللقاء بين الرئيس الأذري إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في بروكسيل، فإنه يكون قد ساهم بفعالية في تجنيب القوقاز حرباً مدمرة أخرى، خصوصاً في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية التي تنصب جهود المجتمع الدولي على معالجتها، ولن يكون ثمة مجال لبذل ما يلزم من وساطات لوقف الحرب لو تجددت حول إقليم ناغورنو كراباخ.

في الظاهر، يُعزى الفضل إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في جمع علييف وباشينيان. لكن لا بد من أن تقف في الخلفية، روسيا وتركيا وهما راعيتا اتفاق وقف النار في حرب 2020، وتنشران قوات لمراقبة الهدنة. ومن الواضح أن ليس من مصلحة روسيا المنشغلة في حربها بأوكرانيا ولا من مصلحة تركيا التي تقلقها هذه الحرب وتحاول التوسط فيها، أن ينفجر نزاع جديد في القوقاز بما يضيف تهديداً إلى التهديد الذي تواجهه المنطقة.

وساعدت اللقاءات التي أجرتها تركيا في وقت سابق مع باشينيان في ترطيب الأجواء بين أنقرة ويريفان، بعد فترة من التشنج صاحبت الحرب الأذربة على كراباخ، خصوصاً في ضوء مد تركيا لأذربيجان بأنواع مختلفة من الأسلحة، لا سيما مسيّرات “بيرقدار” التي أحدثت فارقاً في قلب موازين القوى لمصلحة الجيش الأذري، الذي استعاد مساحات مهمة من المناطق التي كانت قوات كراباخ قد استولت عليها في حرب 1994.

واتخذت العلاقات التركية – الأرمينية إتجاهاً إيجابياً منذ آذار (مارس) الماضي، عقب اللقاء بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الأرميني أرارات ميرزويان في مدينة أنطاليا التركية على هامش المنتدى الدبلوماسي الذي استضافته المدينة، مع سعي البلدين لإصلاح العلاقات بعد عقود من العداء.

ومعلوم أنه لا توجد علاقات دبلوماسية أو تجارية بين تركيا وأرمينيا منذ التسعينات من القرن الماضي، لكنهما عقدتا محادثات في كانون الثاني (يناير) الماضي في أول محاولة لإعادة العلاقات منذ إبرام اتفاق سلام عام 2009 لم تتم المصادقة عليه.

والآن، بعد اتفاق علييف وباشينيان على البدء في مباحثات ثنائية لصياغة معاهدة سلام بين الجانبين، يمكن لروسيا وتركيا وأوروبا أيضاً التعاون لتسهيل مفاوضات السلام وتقديم الضمانات اللازمة لإنجاحها، لأن من مصلحة جميع الأطراف التوصل إلى سلام في القوقاز، كلاً من الزاوية التي يرى فيها الأمور. فأوروبا لا تريد نزاعاً فوق أنابيب الغاز الأذرية التي تحتاجها بشدة في وقت تتجه فيه إلى الفطام عن موارد الطاقة الروسية. وفي المقابل، لا تريد روسيا الانشغال بحرب أخرى غير بعيدة من حدودها. أما تركيا، فهي لا تريد أن تبدو وكأنها هي التي شجعت باكو على الذهاب مجدداً إلى الحرب مستغلة الوضع الروسي في أوكرانيا.

وهكذا التقت مصالح الأطراف الثلاثة على دفع جهود السلام بين أذربيجان وأرمينيا إلى الأمام. وفي الوقت نفسه ربما توصلت يريفان وباكو إلى اقتناع بأنه يمكنهما من طريق المفاوضات أن يحصلا على أكثر بكثير مما يمكنهما الحصول عليه في حرب أخرى.

وأهمية لقاء بروكسيل، هي أنه أتى بعد ارتفاع حدة التوتر في الأيام الأخيرة على خط الجبهة، وتبادل الاتهامات بخرق وقف النار. وقد أدى كل من موسكو وأنقرة دوراً في تهدئة الأمور.

ومن المهم جداً للدولتين أن يطويا صفحة العداء وأن ينتقلا من حال العداء إلى حال تطبيع العلاقات وإقامة سلام مستدام، ينعكس على جهود التنمية في البلدين.

وبعد قمة بروكسيل، انكسرت الحواجز النفسية بين أذربيجان وأرمينيا، والفرصة متاحة أمام الدولتين الآن للولوج إلى مرحلة البحث في الوسائل الكفيلة بتحقيق مصالحهما بوسائل سلمية والتخلي عن المدافع.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …