بقلم: حسين سينو – صحيفة “إيلاف”
الشرق اليوم – إن الحرب الروسية – الأوكرانية حلت بظلالها على كل دول العالم أينما كانت ومهما كانت صغيرة الحجم أوكبيرة، لأن الدول مرتبطة مع بعضها البعض بشكل أو بأخر، وعلى الأخص لهذه الحرب التأثير الجم على الدول الأوربية وعلى رأسها الدولة الألمانية، لأن ألمانيا تعتمد في غازها وبترولها على الدولة الروسية وفي قمحها ومشتقاته وزيتها على الدولة الأوكرانية، على الرغم من المساحات الكبيرة المزروعة بالقمح في ألمانيا فهي لا تكفي حاجات السكان في المانيا، فمجرد أندلاع هذه الحرب أرتفع سعر الكثير من السلع في الأسواق الالمانية وفي بعض الاحيان تختفي بعض السلع بشكل نهائي من الأسواق مثل الدقيق وزيت عباد الشمس، حيث أرتفع سعرها بنسبة 90% لا شك أن تجار السوق لهم الدور الكبير في أرتفاع هذه الأسعار والذين غايتهم الربح، فكلما زاد الطلب على سلعة ما أرتفع السعر، وعليه فلهذه الحرب التأثير الكبير على الاقتصاد العالمي والدول الفقيرة هي الأكثر تضرراً لأنها غير قادرة على مواجهة التكاليف الناتجة على عمليات الاستيراد السلع والمواد الأولية.
الدول الأوربية لها حصة الأسد من نتائج هذه الحرب بسبب قربها وعلاقاتها الاقتصادية والتجارية مع طرفي النزاع، فإذا كانت الدول الأوربية جادة في إيقاف هذه الحرب عليها أن لا تمد الدولة الأوكرانية بالسلاح وأن تكف عن أستفزاز الدولة الروسية، وأن تكف عن سياسة الكيل بمكيالين، فلم نرى أية دولة أوربية تحرك ساكناً عندما قامت الدولة التركية باحتلال مناطق في الشمال والشرق السوري بحجة حماية أمنها القومي وغضت النظر عن ما تفعله الحكومة التركية في تلك المناطق، حيث تقوم بالتغيير الديمغرافي وتفرض على السكان التعامل بالعملة التركية وغيرت أسماء الشوارع والقرى…إلخ من السياسات اللانسانية التي تقوم بها الدولة الغازية، نعم قامت الدولة التركية بكل هذا وما زالت والحكومات الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية صمٌ وبكمٌ بينما بدأوا بفرض العقوبات على بعض السياسيين الروس وقاموا بطرد بعض الدبلوماسيين أحتجاجاً على قيام روسيا بهذه العملية، طبعاً نحن هنا لسنا مع قيام أية دولة بغزو دولة أخرى، ولكن إذا كانت الدول الأوربية وأمريكا تنادي بحقوق الإنسان وتدافع عن حرياته وتطالب بتطبيق الديمقراطية في مؤسسات الدول فعليها أن تقوم بذلك في كل دول العالم وأن تبتعد عن سياسة الكيل بمكيالين.
إن الحكومة الأوكرانية ليست بريئة من هذه الحرب وهي تتحمل وزرها أيضاً، فقد حذرتها روسيا أكثر من مرة أن تكف عن مطالبتها بالانظمام إلى حلف الناتو وأن تكون حيادية، فبدخولها هذا الحلف سوف تقوم أمريكا بأنشاء معسكرات لها فيها على شاكلة الدول الأخرى وهذا ما يهدد الأمن القومي الروسي، فالكل يعلم العداء الإيديولوجي بينهما، فسباق التسلح بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي لم يتوقف على الرغم من تفكك إتحاد السوفياتي وتحول العالم من ثنائية القطبية إلى أحادي القطبية، حيث تربعت الولايات المتحدة على العرش وأعتبرت نفسها الشرطي وعلى الجميع إطاعته والالتزام بأوامره، ولكن الدولة الروسية وبقيادة بوتين الشرس ترغب في وقف أجحاف الغطرسة الأمريكية وتريد إعادة توزيع خريطة العالم، لذلك قامت بالكثير ووقعت العديد من الاتفاقيات مع بعض الدول وعلى رأسها دولة الصين من أجل مواجهة الغطرسة الأمريكية.
لا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص والدول الأوربية ترغب في أن تنهار روسيا أقتصادياً وعسكرياً وأن تضعف سياساتها في الساحة الدولية حتى تتفرغ الساحة لأمريكا وتلعب بالعالم كما تريد، فقد كانت ترغب في أغراق بوتين في حرب استنزاف طويلة وفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا وأملها في ذلك كان أن يثأر الشعب على بوتين ويقوم بأسقاطه ولكن يبدو أن حسابات القادة الامريكيين أخطات مرة أخرى وتسببت في الدمار البنية التحتية للمجتمع الاوكراني مثلما حدث في العراق وليبيا وسوريا.