الشرق اليوم- عزلة كوريا الشمالية التي فرضتها على نفسها خلال الوباء جعلت من الصعب بشكل متزايد على النظام الحصول على العملة الصعبة اللازمة لتمويل برامج الأسلحة وتغطية العجز في الميزان التجاري.
تقلصت الصادرات الكورية الشمالية إلى عشرات الملايين من الدولارات سنويا فحسب، بينما انخفضت أيضا عوائد التهريب الذي استخدمه النظام سابقا للتهرب من عقوبات الأمم المتحدة.
وبسبب هذه العوامل تحول نظام كيم جونغ أون بشكل متزايد إلى التركيز على سرقة العملات المشفرة لتغطية حاجته إلى “العملة الصعبة”،لذا إن هذه القضية تتطلب اهتماما أكبر من الحكومات والمنظمين الدوليين حيث أصبحت استثمارات العملات المشفرة أكثر شعبية في جميع أنحاء العالم.
ويؤكد تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة حول كوريا الشمالية الذي صدر مؤخرا على أن الهجمات الإلكترونية التي تولد العملة المشفرة “تظل مصدرا مهما للإيرادات” للنظام.
ويتسق تقرير عام 2022 هذا مع تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة لعام 2021 الذي وجد أن اختراقات بيونغ يانغ للعملات المشفرة وغيرها من الأنشطة غير المشروعة “تدعم بشكل مباشر وغير مباشر أسلحة الدمار الشامل وبرامج الصواريخ الباليستية في البلاد”.
كما يشير تقرير غير سري صادر عن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية إلى أن العملة المشفرة المسروقة في كوريا الشمالية “ربما [تستخدم] لتمويل أولويات الحكومة، مثل برامجها النووية والصاروخية”.
ونظرا للطبيعة القابلة للاستبدال للمال، فمن الصحيح بلا شك أن العملات المشفرة تساعد كوريا الشمالية على تمويل برامج أسلحتها، ومع ذلك، فإن هذه الأنشطة غير المشروعة نفسها هي أيضا مصدر رئيسي للعملة الصعبة للنظام لتغطية عجزه التجاري.
ولم تعد الوسائل التقليدية، مثل تصدير السلع وجذب الاستثمارات، صالحة للعمل في كوريا الشمالية بسبب العقوبات وافتقارها إلى الائتمان. ومع ذلك، خلال الوباء، أصبحت سرقة العملات الرقمية في كوريا الشمالية أداة متزايدة الأهمية للنظام لتمويل عجزه التجاري.
من المرجح أن بيونغ يانغ مولت عجزها التجاري من خلال مزيج من الوسائل القانونية مثل المساعدات الأجنبية والاستثمار الأجنبي المباشر وتجارة الخدمات والتحويلات المالية من الكوريين الشماليين العاملين في الخارج.
وقد استكملت هذه الإيرادات القانونية بإيرادات من أنشطة غير مشروعة مثل مبيعات الأسلحة والاتجار بالمخدرات والتزوير.
وبعد أن تحول مجلس الأمن الدولي إلى فرض عقوبات قطاعية في عام 2016 لمعالجة تجارب الصواريخ الباليستية والأسلحة النووية المتسارعة في كوريا الشمالية، نما العجز التجاري لكوريا الشمالية بشكل كبير حيث قيدت العقوبات صادراتها.
وبين عامي 2016 و 2019، انخفضت صادرات كوريا الشمالية إلى الصين، والتي تمثل أكثر من 90 في المئة من إجمالي تجارة كوريا الشمالية، من 2.6 مليار دولار إلى 215 مليون دولار وفي المقابل، انخفضت واردات كوريا الشمالية من الصين بنسبة 19 في المئة فقط خلال الفترة نفسها إلى 2.6 مليار دولار.
وفي عام 2016، بلغ العجز التجاري لكوريا الشمالية مع الصين 558 مليون دولار فقط، وبحلول عام 2019، توسع إلى 2.4 مليار دولار.
وبالإضافة إلى تقييد صادرات كوريا الشمالية، حدت عقوبات الأمم المتحدة أيضا من سبل أخرى أمام كوريا الشمالية لتمويل عجزها التجاري.
ومن المرجح أن كوريا الشمالية كانت قادرة على تمويل الكثير من عجزها المتزايد خلال هذه الفترة من خلال تهريب السلع الخاضعة للعقوبات مثل الفحم، واختراق البنوك وبورصات العملات المشفرة.
وبمجرد بدء الوباء، فرضت كوريا الشمالية قيودا صارمة على الحدود لمنع انتشار كوفيد-19 محليا. وفي حين يبدو أن هذه القيود نجحت في منع العدوى محليا، إلا أن العملة الصعبة أصبحت أكثر صعوبة بالنسبة لكوريا الشمالية للحصول عليها.
في عام 2020، صدرت كوريا الشمالية 48 مليون دولار فقط من السلع إلى الصين بينما استوردت 491 مليون دولار.
وفي عام 2021، زادت الصادرات إلى الصين إلى 57.7 مليون دولار، لكن الواردات انخفضت بنحو 50 في المائة إلى 260.1 مليون دولار.
ووفقا لتقرير حديث صادر عن موقع Chainalysis، سرق المتسللون الكوريون الشماليون ما يقرب من 400 مليون دولار من الأصول الرقمية في عام 2021 وما يقرب من 300 مليون دولار في عام 2020.
ووجد الموقع أيضا أن كوريا الشمالية لا يزال لديها 170 مليون دولار من حيازات العملات المشفرة المسروقة، والتي تعود في بعض الحالات إلى عمليات اختراق تعود إلى وقت مبكر من عام 2017، ولم تقم بعد باستبدالها بالعملة الصعبة.
وبالنظر إلى أن كوريا الشمالية تجلس على مثل هذا المبلغ الكبير نسبيا من المال بعد خمس سنوات من تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة وبعد عامين من بدء الوباء، فإن سرقتها للعملات المشفرة وغيرها من المشاريع غير المشروعة قوية بما يكفي لتغطية برامج الأسلحة والعجز التجاري.
المصدر: الحرة