الرئيسية / مقالات رأي / انتخابات لن تغيّر شيئاً

انتخابات لن تغيّر شيئاً

الشرق اليوم- فيما يحاول اللبنانيون الغارقون في أزمة اقتصادية ومالية خانقة، تدبير لقمة عيشهم بعد أن بلغ الفقر مستوى قياسياً بلغ حوالى ستين في المئة، على يد طبقة سياسية وطائفية أحكمت خناقها على مقدرات البلد طوال العقود الماضية، ومارست أبشع أشكال الفساد والنهب وسرقة المال العام، فإن هذه الطبقة منهمكة الآن بمعركتها الانتخابية التي تجري في الخامس عشر من شهر أيار/ مايو المقبل في محاولة منها لتأبيد وجودها مجدداً.

 ومن الواضح أن هناك “زحمة” غير مسبوقة على مقاعد مجلس النواب ال 128، وكأن المشكلة في العدد وليس في البرنامج أو القدرة على التغيير. فقد بلغ عدد اللوائح المسجلة 103 لوائح، بزيادة 26 لائحة على انتخابات 2018، و1043 مرشحاً من بينهم 118 امرأة.

 كان الأمل في أن تؤدي انتفاضة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 إلى حالة نهوض شعبية تؤسس إلى تغيير الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، من خلال إعادة إنتاج نظام سياسي جديد غير طائفي، وقيام وطن لكل أبنائه، وغير مرتهن “للمحاصصة” الطائفية من خلال أرباب الطوائف والعائلات السياسية، والقانون فيه سيد الجميع، إلا أن هذا الحلم تبخر لأن كل القوى والأحزاب التي تتحكم بمصير لبنان قامت بعملية التفاف على المطالب الشعبية واستطاعت وأد الحراك الشعبي وإخماد أنفاسه، لأنها تمتلك السلطة والقدرة والقوة، وفوق ذلك استثمار الطائفية والمذهبية في تفكيك القوة الشعبية وحرف مسارها وبالتالي تفتيتها. ولذلك فإن بقايا قوى التغيير التي حاولت تشكيل تحالفات في بعض المناطق وتشكيل لوائح لمجابهة القوى السياسية والطائفية في عقر دارها فشلت في ذلك نتيجة خلافات في التوجهات وفي التنافس على الانضمام إلى اللوائح. حتى أن القوى والحركات غير الطائفية التي لها حضور شعبي استنكفت عن المشاركة في الانتخابات ليقينها استحالة التغيير ولو بالحد الأدنى مع وجود قوى الأمر الواقع المصفحة بالطوائف والمذاهب والمال، والقادرة على فرض نفسها بالقوة.

 أما القوى التي تخوض معركتها على أساس أن هذه المعركة هي معركة خيارات، وتعمل على تغيير موازين القوى بالوصول إلى البرلمان من خلال تقليص عدد نواب الأطراف المنافسة الأخرى، وتحقيق أكثرية نيابية جديدة تتولى السلطة، فهي في الواقع ومن خلال التجربة لا تختلف في سياساتها وسلوكها وولاءاتها عن أولئك من حيث التوجهات الطائفية، ورفضها لمبدأ لبنان اللاطائفي، والقانون الانتخابي القائم على النسبية وخارج القيد الطائفي ولبنان دائرة انتخابية واحدة.

 ومع ذلك، هناك عقبات لا تزال تهدد العملية الانتخابية لناحية تأمين الكهرباء والإنترنت في مراكز الاقتراع، إضافة إلى توفير حوالي 14 ألف موظف للإشراف على الانتخابات، فضلاً عن المواصلات في حين يعاني لبنان كل ذلك.

 المهم أن هذه الانتخابات، ومن خلال ما يبدو حتى الآن من لوائح وتحالفات لن تحمل جديداً، والأمل ضئيل جداً بأي تغيير.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …