الرئيسية / مقالات رأي / باكستان إلى أين… بعد المواجهة بين خان وواشنطن؟

باكستان إلى أين… بعد المواجهة بين خان وواشنطن؟

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي


الشرق اليوم – كانت باكستان من الدول الحليفة للولايات المتحدة إبان الحرب الباردة، بينما كانت الهند تقف في صف الاتحاد السوفياتي السابق، الذي كان مزوّدها الرئيسي بالسلاح. وبعد 11 أيلول (سبتمبر) 2011 وما تلاه من غزو أميركي لأفغانستان، طرأت بعض التوترات على العلاقة بين واشنطن وإسلام أباد، بينما ذهبت الهند نحو نسج علاقات متوازنة بين روسيا والولايات المتحدة.
ووقت كانت الهند تنفتح على أميركا بدافع الخوف من جارتها الصين الصاعدة، نحت باكستان نحو بكين، واحتلت الاستثمارات الصينية المرتبة الأولى في بلد كان تقليدياً منذ إنشائه قبل 75 سنة، ركيزة من ركائز السياسة الأمنية والاقتصادية للولايات المتحدة.
ومنذ تسلم عمران خان، لاعب الكريكيت السابق، رئاسة الوزراء في باكستان، وثّق العلاقات مع روسيا إلى جانب الصين، تحت أنظار أميركا التي كانت تنكفئ من أفغانستان وتالياً تحد من نفوذها في جنوب آسيا، لتركز تحديداً على الصين وروسيا.
وفي يوم غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا في 24 شباط (فبراير) الماضي، كان عمران خان يزور موسكو. وفي أوائل شباط شارك خان إلى جانب الرئيس الصيني شي جين بينغ وبوتين في افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية، التي جرت في الصين وقاطعتها الولايات المتحدة رسمياً.
التقارب الباكستاني مع روسيا والصين، ولّد استياءً أميركياً واضحاً انعكس في الأيام الأخيرة أزمة سياسية داخل باكستان، إذ انسحب شركاء لخان من الائتلاف الحكومي، في الوقت الذي كان زعيم المعارضة شهباز شريف يطلب سحب الثقة من الحكومة لإسقاطها في البرلمان، وهذا إجراء طبق على كل الحكومات الباكستانية التي لم تستطع أي منها إكمال ولايتها الدستورية.
ودلالة على التأزم الباكستاني – الأميركي، لم يتوانَ خان عن التصريح علناً بأن واشنطن هي التي تقف خلف محاولة إسقاط حكومته في البرلمان، لأنه لا يتخذ مواقف مساندة للولايات المتحدة في الأزمة الأوكرانية، ولأنه يقيم علاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع موسكو وبكين.
وكي يحول خان دون إطاحته في البرلمان، طلب من حليفه رئيس الجمهورية عارف علوي حل الجمعية الوطنية، فلبى الأخير طلبه، ما يرتّب الذهاب إلى انتخابات تشريعية في غضون 90 يوماً.
المعارضة لم تستسغ خطوة رئيس الجمهورية واعتبرتها غير دستورية، ورفعت الأمر إلى المحكمة العليا للنظر في هذه الخطوة. ومن المفترض في هذه الحال أن يبقى خان في منصبه حتى تأليف حكومة انتقالية تكلف الإشراف على الانتخابات. وجرت العادة أن يتم تعيين رئيس الحكومة الانتقالية بناءً على اقتراح من رئيس الوزراء الحالي وزعيم المعارضة.
الأزمة السياسية تثير مخاوف من تحرك الجيش في مثل هذه الحالات للاستيلاء على الحكم. وباكستان بلد شهد أربعة انقلابات عسكرية، وقبع أكثر من ثلاثة عقود تحت الحكم العسكري. ومن المعروف أن قادة الجيش يتمتعون بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة. ولذلك، يخشى في حال حصول مزيد من التأزم الداخلي أن ينتهز الجيش الأزمة للسيطرة على الحكم. ومن غير المرجح أن تمانع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الإقدام على مثل هذه الخطوة، إذا كانت توفر لها التخلص من خان.
في وقت تعصف الحرب الروسية – الأوكرانية بالتوازنات الدولية، وتعيد فرز العالم بين من هو مع أميركا ومن هو ضدها، لا تخفي الأخيرة قلقها حيال المواقف الرمادية التي تتخذها دول مثل الصين والهند وباكستان من الحرب.
فالولايات المتحدة التي تخوض معركة تدمير الاقتصاد الروسي، لن تتسامح مع دول مهمة تبقي صلاتها السياسية والاقتصادية قائمة مع موسكو، ما يفقد العقوبات الغربية تأثيرها، ويتيح لروسيا أن تلتف عليها، بما يشكل بدائل من الأسواق الغربية.
لا يمكن فصل الأزمة الداخلية في باكستان عن مجمل الاهتزازات في النظام العالمي اليوم.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …