الرئيسية / مقالات رأي / أوكرانيا وحرب الإعلام

أوكرانيا وحرب الإعلام

بقلم: فارس الحباشنة – صحيفة “الدستور”


الشرق اليوم – حرب أوكرانيا سوق تتوقف، والروس والاوكران ذهبوا إلى طاولة الحوار. وما بعد حرب أوكرانيا، فإن الفضيحة السوداء الكبرى تطارد الإعلام الغربي وتوابعه.
كشفت أزمة أوكرانيا أن التعددية والحرية الصحفية والرأي والرأي الآخر من أكبر أكاذيب الإعلام الغربي.
وإن قيم الحرية الإعلامية الليبرالية في اختبار أزمة أوكرانيا تعرت وانفضحت.
الإعلام في الغرب مقدس، وكان يمثل صافي قيم القدسية لليبرالية والتحرر الفردي والعام.
لا حرية صحفية ولا ما يكذبون، الإعلام رواية جاهزة ومطبخ التحرير مخترق، ولإاعلام متورط في رواية “وان مان شو”.
ما الفارق بين إعلام الغرب وإعلام الدول التي يتهمها الغرب الديمقراطي بالشمولية والديكتوترية كالصين وكوريا الشمالية وروسيا ودول في العالم الثالث؟
في الأزمة الأوكرانية الإعلام الروسي كان أكثر انفتاحا وتعددية، وانجذب إلى الروايات العديدة، ولم يتورط في الرواية الواحدة، ولحد ما فان الروس يواجهون هجوما إعلاميا غربيا كاسحا يشيطن الحقائق ويضلل الرأي العام الدولي، ويقلب كثيرا من الحقائق والوقائع في الأزمة الأوكرانية، ويقامر إعلام الغرب بهستيريا التحرش في روسيا في جر العالم نحو هاوية وحرب عالمية.
في العالم العربي إنجرت وسائل إعلام وراء الإعلام الغربي، وتحولت إلى منابر وأبواق للرواية الغربية حول حرب أوكرانيا.
عربيا الإعلام منزوع الحرية وخطاب الإعلام مسلط على المواطن لتضليله وحرفه في الحقيقة والإلهاء.
ولربما أجادت وسائل إعلامية عربية من خلال استديوهاتها وتغطياتها وامكانياتها اللوجستية على الأرض في تضخيم الرواية الغربية حول حرب أوكرانيا، وصدعوا رؤوس الجمهور العربي حول حقائق خادعة وواهنة في الحرب.
في أوروبا والغرب تبخر مفهوم الحرية الصحفية وأعلن عن وفاتها.. بريطانيا من أول أيام الحرب أعلن عن منع وسائل إعلام روسية من البث داخل أراضيها، ولحقت دول أوروبية بريطانيا في قرار المنع.
استبداد إعلامي، وهو من أخطر أنواع الاستبداد .. الرواية الواحدة، وسلب إرادة الجمهور، وتلقين وتضليل الجماهير، ومنع النشر والتعليق وتضخيم المحظورات، وإغلاق الفضاء أمام بوق ومنبر موجهة ومطبخ تحريره مبرمج مسبقا.
الإعلام هو الضحية الأكبر في حرب أوكرانيا .. الخبر تحول إلى رأي ووجهة نظر، والمهنية والحيادية تحولت قسرا ليكون للصحفي ووسيلة الإعلام وجهة نظر وموضع مودلج يقف فيه.
وعلى الأقل الفصل ما بين أدوات الإعلام، الخبر والتقرير والتعليق والرأي السياسي .. لا خلطها وزجها في معركة واحدة ووراء رواية مفبركة وخادعة واحدة ، وما أخطر ذلك على حرية الإعلام!
معرفة الحقيقة حق مشروع لأي مواطن وحق للرأي العام .. وما الذي يحدث في حرب أوكرانيا وظروف وما وراء الحرب وكواليسها، والموقف الروسي والأوكراني والأوروبي والصيني، ومعرفة حقائق غير مضللة وخادعة لكي بيني وجهة نظره عليها دون توجيه مسبق.
في أزمة أوكرانيا استعمل الغرب كل الوسائل الناعمة والخشنة لضغط على روسيا وحصارها وعزلها .. فما دخل السياسة في الرياضة، وليمنع رياضيو روسيا من المشاركة في بطولات الاولمبية وكاس العالم 2022 .
وتدشين حملات في أوروبا لمقاطعة الثقافة والفن الروسي، ومقاطعة الموسيقى والأدب الروسي. طبعا الإعلام هو المحرض والداعي والمروج لحملات المقاطعة وشيطنة روسيا.
ولو افترضنا أن حرب أوكرانيا قد توقفت غدا أو بعد غد، ولا أظن أن مخالفات الحرب وتوابعها سوف تنفك بسرعة، وما أنتج من كراهية وخطاب تحريضي، وأزمة هويات في أوروبا وخطاب إقصائي وعدائي للروس وحلفائهم.
الحرب كشفت عن وجه أوروبا الأسود، والمركزية الأوروبية العفنة والبائدة، ورثة الاستعمار والاستشراق الأوروبي .. العالم ما بعد حرب أوكرانيا بالتأكيد سوف ينفك من الأحادية الأمريكية، وكما أن أزمة أوكرانيا فضحت هشاشة أوروبا وفكرة التقدم والتفوق والقوة وضعت أمام اختبار صعب ومصيري.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …