كلمة صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – أن توقع الصين اتفاقية أمنية مع جزر سليمان في جنوب المحيط الهادئ، تمهيداً لإقامة قاعدة عسكرية فيها، وعلى بعد 1700 كيلومتر عن السواحل الأسترالية، فهذا يعد تحولاً استراتيجياً مهماً بالنسبة للصين، ولكل من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وخصوصاً لأستراليا ونيوزيلندا.
وهذه هي القاعدة العسكرية الثانية للصين خارج أراضيها، بعد قاعدة جيبوتي التي أقيمت عام 2017، عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر؛ حيث الممر الرئيسي للتجارة العالمية.
ومن خلال قاعدة جزر سليمان، تريد الصين أن تضع موطئ قدم لها في هذا الموقع الاستراتيجي، لمواجهة الحصار الذي تسعى الولايات المتحدة إلى فرضه عليها من خلال التحالفات العسكرية التي تقيمها مع دول المنطقة، وخصوصاً تحالف «أوكوس» الذي يضمها مع بريطانيا وأستراليا، ثم تحالف «كواد» الذي يضمها مع أستراليا واليابان والهند، إضافة إلى ما تقوم به الولايات المتحدة من تعزيز لوجودها العسكري في المنطقة، وتحديداً البحري في جنوب شرق آسيا وبحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان؛ وذلك في إطار «استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ» التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكذلك في إطار ما سمته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما «العودة إلى آسيا» والتخفيف من عبء أزمات الشرق الأوسط، بهدف إعادة التوازن لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، أي التصدي للنفوذ الصيني المتزايد في المنطقة والعالم، من خلال تحالفات سياسية وعسكرية واقتصادية متعددة الأطراف، وغيرها من المجالات.
ولطالما كانت منطقة آسيا والمحيط الهادئ تمثل بالنسبة للولايات المتحدة رافعة لقوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، تخدم موقعها المتفرد في قيادة النظام العالمي، لكن ما لحق بها من هزائم في أفغانستان والعراق، جعلها تنكفئ، وتتراجع مكانتها عالمياً.
وها هي تحاول مجدداً في عهد الرئيس جو بايدن استرجاع موقعها من خلال استراتيجيات تعتمد على القوة والحرب الاقتصادية المفتوحة ضد الصين وكل من يعارض سياساتها.
في نهاية عام 2011 نشرت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك هيلاري كلينتون مقالاً بعنوان «قرن المحيط الهادئ للولايات المتحدة»، أكدت فيه أن «مستقبل السياسة العالمية تحدده آسيا»، وعلى هذا الأساس وضعت الولايات المتحدة استراتيجيات تقوم على الاستحواذ على المنطقة في مواجهة خطر الصين التي تسير بخطى حثيثة في مختلف الميادين، لتثبيت قدميها في النظام العالمي، كي تكون شريكاً فاعلاً فيه، وهو أمر تسعى واشنطن إلى منعه من خلال التحالفات الإقليمية والعقوبات الاقتصادية.
ولأن الصين بدورها تدرك الأهداف الأمريكية وتتابع مسار خطوات إدارة الرئيس بايدن تجاهها، وتعرف نقاط قوتها وضعفها، فإنها تضع خطط مواجهتها بصمت، ومن دون ضجيج، كما هي الحال في الاتفاق الأمني المفاجئ مع جزر سليمان؛ حيث سيكون للجيش الصيني ولأول مرة، وجوده العملياتي في منطقة المحيط الهادئ، والصين بذلك تفك إحدى حلقات الحصار الأمريكي المفروض عليها؛ بل وتتقدم نحو تخوم النفوذ الأمريكي التقليدي.
الوسومالصين الصين تخترق حصارها مقالات رأي
شاهد أيضاً
مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟
العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …