الشرق اليوم- مع كل أزمة تواجه العالم، يطرح نفس السؤال: أين الأمم المتحدة ؟ وها هو العالم الآن أمام أزمة جديدة، تهدد الأمن والسلم العالميين، وتشكل منعطفاً خطيراً في مسار العلاقات الدولية.
الأمم المتحدة، وفقاً لميثاقها، هي المؤتمنة على الأمن والسلم الدوليين، ومن المفترض أن تضطلع بدور أساسي في وضع حد للحرب الأوكرانية، لكن من الواضح أنها تعاني عجزاً بنيوياً لا يمكّنها من القيام بواجبها المفترض، كما كان حالها في أزمات أخرى مثل غزو العراق، أو في سوريا وليبيا وجنوب السودان وأفغانستان والاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وغيرها.
الحقيقة، إن اللوم في هذا الفشل لا تتحمله المنظمة الدولية كمؤسسة وأشخاص وهيئات تابعة لها، إنما اللوم يقع على الدول الأعضاء نفسها التي جعلت من الأمم المتحدة، أمماً غير متحدة، بحيث تحولت إلى منظمة عقيمة سياسياً.
لم تعد الأمم المتحدة في وضعها الراهن صالحة لمعالجة الأزمات الدولية بسبب قصور في نظامها الداخلي الذي عفا عليه الزمن، ويعود إلى تلك الحقبة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، رغم التغييرات التي شهدتها الساحة الدولية منذ ذلك الحين، حيث لم تعرف المنظمة إصلاحات تواكب ما استجد من تحولات وتطورات.
أزمة الأمم المتحدة تكمن في عدم القدرة على التوفيق بين متطلبات إصلاحها، ومصالح الدول الكبرى التي تتمتع بصلاحيات واسعة في النظام الحالي للمنظمة الدولية، ذلك أن أية دولة من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا) تستطيع من خلال حق الاعتراض (الفيتو) أن تعطل أي قرار ما لم يخدم مصالحها حتى ولو كان يتعلق مباشرة بالأمن والسلم الدوليين، في حين أن الجمعية العامة للدول الأعضاء ال 193 لا تستطيع تنفيذ أي قرار تتخذه، لأن قراراتها تفتقر إلى القوة القانونية التي تتمتع بها قرارات مجلس الأمن، وهي بالتالي ترتدي طابعاً رمزياً سياسياً.
لكن يمكن للجمعية العامة، وعملاً بقرار “الاتحاد من أجل السلام” الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1950، أن تتخذ إجراء في قضية تشكل تهديداً للسلام أو خرقاً للسلام، أو عملاً عدوانيا، إذا ما فشل مجلس الأمن في إصدار قرار فيها بسبب “الفيتو” لأحد أعضائه. لكن هذه الخطوة تعترضها صعوبات منها توفير عدد الأصوات اللازمة، وإمكانية عدم تنفيذ القرار جراء الحماية التي توفرها إحدى الدول الكبرى للدولة المعنية بالقرار، كما حدث بالنسبة لقرارات صدرت بشأن القضية الفلسطينية، ومنها مثلاً القرار بخصوص اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
لقد تم طرح العديد من المشروعات الخاصة بإصلاح الأمم المتحدة خلال السنوات الأخيرة، ومنها زيادة عدد أعضاء مجلس الأمن، وتعديل حق النقض (الفيتو)، وإعطاء المزيد من الصلاحيات للجمعية العامة، لكن كل تلك المشروعات وضعت على الرف لأن الدول الكبرى لا تريد التخلي عن الصلاحيات الممنوحة لها.
المصدر: صحيفة الخليج