بقلم: بول والدمان وجريج سارجنت – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – يشكل السعر المرتفع للغاز تحدياً خطيراً للحزب الديمقراطي، لكن بطرق أكثر تعقيداً بكثير مما يمكن تقبله. وهذا التحدي له أبعاد عديدة، الأول هو أن جو بايدن، بصفته رئيساً، سيتلقى حتماً معظم اللوم، على الرغم من عدم وجود طريقة سهلة لخفض هذا السعر. والبعد الآخر هو أن معالجةَ مشكلة أسعار الغاز يمكن أن تتعارض مع الهدف طويل الأجل لمعالجة تغير المناخ.
ويريد «الديمقراطيون» تشجيع تقليل استخدام الوقود الأحفوري، بما في ذلك عن طريق تحفيز التحول إلى السيارات الهجينة والكهربائية. لكنهم يريدون أيضاً معالجةَ معاناة الناس من أسعار الغاز المرتفعة باعتبارها مشكلةً تحتاج إلى معالجة. لذا فقد جادلوا، لبعض الوقت، بأن شركات النفط لديها الكثير من فرص التنقيب تحت إشراف بايدن. ومع ذلك، فإن الغاز الرخيص والوفير هو بالضبط ما يجعل تغير المناخ أسوأ. لكن قد تكون هناك طريقة لتقديم حجة أكثر اتساقاً وأقل تشويشاً هنا. وقد توفر العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا هذه الحجة.
يقوم ائتلاف من المجموعات التقدمية بإطلاق حملة جديدة تحث «الديمقراطيين» على تقدير أن تضافر عدة عوامل، حرب بوتين، وارتفاع أسعار الغاز، وارتفاع أرباح شركات النفط.. يخلق لحظة سياسية فريدة وقابلة للتنفيذ للضغط مجدداً من أجل تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
في بيان بمناسبة إطلاق الحملة، تجادل هذه المجموعات بأن معالجة هذه التحديات «بوضوح» يتطلب الميل إلى حجة مثل هذه: «حرب أوكرانيا تؤكد من جديد أن أميركا يجب أن تقود العالَم في التحول إلى الطاقة النظيفة. إن اعتمادنا على الوقود الأحفوري يمكّن الدول المارقة المنتجة للنفط وشركات النفط التي تتلاعب بالأسعار. ومن أجل أمننا القومي وسلامة الكوكب، ندعو قادةَ أميركا إلى اتخاذ إجراءات فورية للاستثمار في وظائف الطاقة النظيفة المحلية وإنهاء اعتمادنا على الوقود الأحفوري».
وتشير هذه الكوكبة من المجموعات المشاركة، والتي تشمل حركة «إنفيزيبول»، ولجنة حملة التغيير التقدمي، وسييرا كلوب، وشبكة النشطاء «وين ويذوت وور» (أو فوز بلا حرب) وغيرها.. إلى أن مثل هذه الرسالة يمكن أن تحشد تحالفاً واسعاً ذا ميول يسارية. وقد يروق هذا للأشخاص المهتمين بتغير المناخ، والمناهضين لتركز الشركات، وأنماط السياسة الخارجية ذات الميول اليسارية، والمدافعين عن الديمقراطية. القضية هي أن الاستبداد والطمع في الوقود الأحفوري يعززان بعضهما البعض بطريقة مدمرة للغاية. لذا فإن إضعاف الأنظمة المارقة مثله يتطلب عرقلة أسس الوقود الأحفوري. وسيقلل هذا أيضاً الاعتمادَ على شركات النفط.
تقول ستيفاني تايلور، المؤسس المشارك للجنة حملة التغيير التقدمي، «هذه فرصة لاستهداف شركات النفط التي تعمل على التلاعب بالأسعار وإعادة تأطير الطاقة فيما تقترب قضية أمن قومي من انتخابات التجديد النصفي».
وتستشهد المجموعات باستطلاع تقدمي للرأي، يظهر دعماً واسعاً للغاية، بما في ذلك بين المستقلين و«الجمهوريين»، لفكرة أنه في ضوء الحرب الأوكرانية، يجب على الحكومة الأميركية الاستثمار في إنتاج الطاقة النظيفة في الداخل.
وهناك دلائل على أن الديمقراطيين يميلون بالفعل نحو جزء من هذه الرسالة على الأقل. ويخطط رؤساء اللجنة الديموقراطية لاستدعاء الرؤساء التنفيذيين لشركات النفط للإدلاء بشهاداتهم.
ويزعم الجمهوريون أن هذا سيكون مجرد ممارسة للفت الانتباه، وهم على حق جزئياً. لكن حتى ولو لم تسهم جلسات الاستماع هذه في خفض أسعار الغاز على الفور، فإن تسليط الضوء على حقيقة أن شركات النفط تحقق أرباحاً عالية في الوقت الحالي يبدو عادلاً بدرجة كافية، كطريقة لتوجيه الغضب من ارتفاع أسعار الغاز نحو الصالح العام المتمثل في تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري على المدى الطويل.
في غضون ذلك، عندما يتعلق الأمر بروسيا، يبدو الأميركيون منفتحين للغاية على الجدل القائل بأن قطع الاعتماد على النفط الروسي هو منفعة عامة تستحق المتابعة. وتُظهر بعض استطلاعات الرأي أن الأميركيين سيؤيدون فرض حظر على النفط الروسي حتى لو أدى ذلك إلى رفع أسعار الغاز. وتظهر استطلاعات أخرى أن بوتين هو المسؤول الأكبر عن الزيادة الحالية في الأسعار، تليه شركات النفط. وكان الناس أقل عرضةً لإلقاء اللوم على السياسات البيئية.
وبعبارة أخرى، ربما لم يكن هناك وقت أفضل من هذا لإقناع الأميركيين بأن المستقبل الذي لا يقلق فيه أحد بشأن سعر الغاز، أو تأثيره على المناخ، ممكن تماماً، وأن التضحيات في هذا الاتجاه أمر ممكن جداً.. يستحق بذل الكثير من أجله.