الشرق اليوم- تزداد التساؤلات بشأن مدى قدرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الاستمرار في حربه ضد أوكرانيا، بعد الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها قواته في الشهر الأول.
إن الرئيس الروسي “يواجه قيودا عسكرية تكتيكية وبعض القيود الجيوسياسية والاقتصادية” قد تجعل شن حرب طويلة الأمد في أوكرانيا أكثر صعوبة.
وتقول المحللة السياسية الروسية، تاتيانا ستانوفاي: “الوقت ليس في صالح بوتين” .
خسائر عسكرية
تمكنت روسيا من السيطرة على جزء كبير من جنوب أوكرانيا بتكلفة باهظة، وكادت أن تكمل “الجسر البري” الذي يمتد بين الأراضي الروسية وشبه جزيرة القرم التي احتلتها عام 2014.
لكن محاولتها للاستيلاء على كييف وخاركيف، أكبر مدينتين في أوكرانيا، توقفت، وتعطلت محاولاتها توسيع نطاق سيطرتها جنوبا ليشمل ميكولايف وأوديسا.
وخسر الجيش الروسي ما بين حوالي 7 آلاف و15 ألف جندي في شهر واحد، وفق تقديرات “الناتو”، وهو رقم يفوق عدد الجنود الذين خسرتهم الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان على مدار 20 عاما.
ويقول مايكل كوفمان، المحلل العسكري الروسي في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، إن الخسائر الروسية الكبيرة لا تمثل بالضرورة قيودا سياسية على بوتين في الداخل، لكنها تعيق فعالية وحداته في القتال، بسبب تأثيرها على الروح المعنوية والقدرة على الاستمرار في الحملة.
ويواجه بوتين أيضا صعوبة في الاستمرار بخوض حرب متعددة الجبهات على المدى الطويل، لأن ذلك سوف يتطلب إرسال المزيد من القوات وهو أمر غير محسوم حتى الآن، وستواجه روسيا صعوبات في تشغيل خطوط الإمداد على جبهات متعددة.
والمقاومة الأوكرانية تحد أيضا من قدرة بوتين على تحقيق أهدافه وتجبره على إعادة تحديدها.
ويقول كوفمان: إن السؤال الآن هو: “هل يعتقد بوتين أن الاستمرار في استخدام القوة سيحقق أيا من أهدافه في أوكرانيا؟ أم أنه يرى الوضع على أنه حالة عوائد متناقصة؟”
عقبات أخرى
ويلفت نيك رينولدز، الباحث في معهد رويال يونايتد للخدمات، ومقره لندن، إلى أن موسكو ستواجه قيودا تتعلق بالذخائر وعدد الأفراد والروح المعنوية والخدمات اللوجستية، مما قد يجبر بوتين على تغيير هدفه من الإطاحة بحكومة أوكرانيا إلى التركيز على الموقف السياسي، أو تركيز الحرب على جبهة واحدة.
وأشار رينولدز بشكل خاص إلى محدودية عدد الأفراد، خاصة المدربين والمتحفزين منهم.
كما أن تسريع وصول أسلحة غربية لأوكرانيا من الولايات المتحدة وأوروبا سيخلق المزيد من القيود على قوات بوتين في ساحة المعركة.
ويمكن الإشارة بشكل خاص إلى طائرات “سويتش بليد” الأمريكية الصغيرة التي يمكنها إلحاق الضرر بالقوات الروسية في المناطق الحضرية.
قيود اقتصادية
ورغم أن بوتين استطاع النجاة من العقوبات الغربية ببيع الغاز والنفط لعملاء في بلدان مثل الصين والهند وحتى أوروبا، وإجبار مصدري الطاقة الروس على البيع بالروبل، فقد يتفاقم الوضع الاقتصادي في الداخل مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي وزيادة البطالة والتعرض لعقوبات جديدة إذا استمر التصعيد على الأرض.
وسوف تجد موسكو نفسها تعتمد بشكل متزايد على السلع والتكنولوجيا من الصين وتركيا وإسرائيل والدول الأخرى التي لم تفرض عقوبات عليها، وهو ما “سيؤثر على ما يمكن للروس شراءه والوصول إليه وإنتاجه”.
ويقول ألكسندر جابيف، من مركز كارنيغي موسكو المتخصص في العلاقات الروسية الصينية، لإن بكين لن ترغب في أن يُنظر إليها على أنها تُمكِّن آلة بوتين الحربية أو تعرض الأعمال الغربية للخطر، لذلك من المحتمل ألا تنتهك العقوبات أو تزود روسيا بالسلاح.
إن بوتين الذي قدم لروسيا سنوات من الاستقرار والنمو الاقتصادي قد يضطر لتقديم شيء آخر الآن.
ويقول كيريل مارتينوف، المحرر السياسي للصحيفة الروسية المستقلة نوفايا غازيتا: “لم يعد لديه اقتصاد… ويبدو أن الشيء الذي يمكنه إطعام الروس به هو نوع من العظمة السياسية”.
لكن جاذبية هذا ستتضاءل إذا أصبحت الظروف الاقتصادية سيئة، ومع ذلك ستواصل الحكومة على الأرجح التركيز على الأحداث الجيوسياسية لتشتيت الانتباه.
ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن، النزاع في أوكرانيا بأنه “فشل استراتيجي” لروسيا، خلال خطاب ألقاه في العاصمة البولندية وارسو حيث التقى مسؤولين ولاجئين أوكرانيين.
وقال رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، الجنرال كيريلو بودانوف: إن الروس سيعيشون “جحيما حقيقيا” في أوكرانيا، مشيرا إلى أن الجيش الروسي أظهر أنه “لم يكن سوى مجرد أسطورة. ويقوم على تركيز للقوة على شاكلة العصور الوسطى وعلى أساليب قتالية قديمة”.
ترجمة: الحرة