الشرق اليوم- يبدو أن هناك جبهة ساخنة أخرى بعيدة عن أوروبا توشك أن تشتعل، فيما العالم يوجه أنظاره صوب الحرب الأوكرانية وتداعياتها، وما يمكن أن تحمله من مخاطر على الأمن والسلام الدوليين.
الجبهة الجديدة هي شبه الجزيرة الكورية، حيث تواصل كوريا الشمالية تجاربها الصاروخية في تحدٍّ واضح للولايات المتحدة، بعد أن فشلت القمم الثلاث التي عقدها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في ردم الهوة بين الطرفين والتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي والصاروخي لبيونغ يانغ، ثم تجاهل الإدارة الأمريكية الحالية لكوريا الشمالية.
فقد أطلقت بيونغ يانغ يوم الثلاثاء الماضي صاروخاً جديداً عابراً للقارات تفوق سرعته سرعة الصوت، ويتمتع “بقدرة عالية على المناورة”، وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية. وقال محللون إن حضور كيم قد يكون مؤشراً على حدوث تطور في تكنولوجيا الصواريخ.
وتعتبر الصواريخ الباليستية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت خطِرةً لأسباب متعددة، منها أنها تسلك مساراً لا يمكن توقعه، وتخط مساراً أفقياً فوق سطح الأرض، وتضرب هدفها في وقت أسرع؛ لأن سرعتها يمكن أن تصل إلى خمسة أضعاف سرعة الصوت، كما أن خطورتها تكمن في أنها قد تحمل رؤوساً شديدة الانفجار أو نووية.
لكل هذه الأسباب سارعت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان إلى إدانة عملية الإطلاق، واعتبرتها “تهديداً خطِراً لشبه الجزيرة الكورية والمنطقة، وخرقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي” الذي اجتمع يوم الجمعة الماضي لمناقشة القضية بناء على طلب من الولايات المتحدة، التي اعتبرت التجارب الصاروخية الكورية الشمالية بمنزلة “تصعيد خطِر، ولن يمر من دون عقاب”.
الصين من جهتها، دعت “جميع الأطراف لممارسة ضبط النفس”، وهذا الموقف يشير إلى أن بكين تتعامل مع النشاطات الصاروخية الكورية الشمالية ببرود، وسط صراع دولي محتدم هي جزء منه، بل هي في قلبه. وما دام هناك عدم انضباط ومراعاة لمصالح مختلف الدول في سلوك بعض الدول الكبرى، وخصوصاً الولايات المتحدة، فيمكن لكوريا الشمالية أيضاً ألّا تكون منضبطة. إلا أن ذلك بالنسبة للولايات المتحدة والدول الحليفة في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ يشكل خطراً مباشراً عليها وعلى مصالحها في المنطقة.
من الواضح أن العلاقات في شبه الجزيرة الكورية بين الشمال والجنوب سوف تشهد خلال الأشهر القليلة القادمة المزيد من التوتر، مع انتخاب اليميني المحافظ يون سوك يول رئيساً جديداً لكوريا الجنوبية الذي سيتولى مهامه في العاشر من شهر مايو/ أيار خلفاً للرئيس الحالي مون جاي إن، الذي تعهد فور انتخابه “بالتعامل بصرامة مع الأعمال غير القانونية للشمال”، فيما كان تعهّد في وقت سابق بتوجيه “ضربة استباقية إذا لزم الأمر” ضد كوريا الشمالية، وأطلق تصريحات مهينة ضد الزعيم الكوري الشمالي.
إذاً، هناك منطقة أخرى تغلي في الشرق مهددة بالانفجار في أي وقت.