الرئيسية / مقالات رأي / ركائز تفادي أزمة غذائية أخرى

ركائز تفادي أزمة غذائية أخرى

بقلم: نجوزي أوكونجو إيويالا – صحيفة “البيان”

الشرق اليوم – تتسبب حرب أوكرانيا في معاناة إنسانية جسيمة ومأساوية. في منظمة التجارة العالمية، وهي مؤسسة قائمة على سيادة القانون أُنشئت للمساعدة على إحلال السلام، نرى أن أحداث العنف الجارية تمثل إساءة بغيضة لمبادئنا الأساسية. ونردد دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ونتمنى إيجاد حل سريع وسلمي للصراع.

حتى قبل اندلاع الحرب، كان ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة يُجهد بالفعل ميزانيات الأسر والحكومات في العديد من البلدان الأصغر حجماً والأكثر فقراً، والتي كانت اقتصاداتها أيضاً من بين الأبطأ في التعافي من جائحة كوفيد-19. والآن، تهدد زيادات جديدة في الأسعار بسبب الصراع الجاري في أوروبا الشرقية بارتفاع معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي. وفي ظل هذه الظروف، تؤدي منظمة التجارة العالمية، والتجارة بشكل عام، دوراً شديد الأهمية في منع حدوث مجاعات، وخاصة في البلدان المستورِدة الصافية للأغذية.

وعلى الرغم من أن أوكرانيا وروسيا تمثلان معاً نسبة متواضعة تبلغ 2.2 ٪ من تجارة السلع العالمية، وفقاً لتقديرات منظمة التجارة العالمية، إلا أن هذا الرقم لا يعبر بالقدر الكافي عن أهمية البلدين في أسواق الحبوب والطاقة، وفي توريد الأسمدة والمعادن وغيرها من المدخلات المهمة بالنسبة إلى مجموعة واسعة من الأنشطة في المراحل النهائية من الإنتاج. وفي عام 2020، على سبيل المثال، قدم البلدان 24 ٪ من القمح المتداول عالمياً، و73 ٪ من زيت عباد الشمس.

وتعد واردات هذه السلع ضرورية للأمن الغذائي الأساسي في العديد من البلدان التي تفتقر إلى المياه والتربة والظروف الجوية المناسبة لزراعة كل الغذاء الذي تحتاجه. وعلى مدار الأعوام الثلاثين الأخيرة، أصبحت أوكرانيا وروسيا مصدرين رئيسين للحبوب لدول من بينها منغوليا، وسريلانكا، ولبنان، ومصر، وملاوي، وناميبيا، وتنزانيا.

بدأ ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إثارة استجابات سياسية مألوفة، فقيدت العديد من الحكومات صادرات الحبوب وغيرها من المواد الغذائية الرئيسة في محاولة للحفاظ على الإمدادات المحلية والحد من ارتفاع الأسعار. كما أن العدد المتزايد من الشكاوى المقدمة إلى منظمة التجارة العالمية من المصدرين في العديد من البلدان والولايات القضائية الأعضاء يُوضح حجم المشكلة. فقد تؤدي ضوابط التصدير هذه إلى إحداث دوامة من زيادات الأسعار والقيود الجديدة. إذ يقدر البنك الدولي أن 40 ٪ من الزيادة في أسعار القمح العالمية خلال أزمة أسعار الغذاء الأخيرة في 2011-2010 نتجت عن محاولات الحكومات عزل الأسواق المحلية.

ونظراً لأن نظام التجارة العالمي يناضل بالفعل للتعامل مع ارتفاع تكاليف النقل وازدحام الموانئ، فمن شأن تعزيز التنسيق بين جميع الأطراف أن يساعد على تحقيق استقرار الأسواق الدولية للأغذية والطاقة والسلع، وتقليل إمكان حدوث اضطرابات إضافية في سلاسل التوريد. والأهم من ذلك، أن آلية المراقبة والشفافية في منظمة التجارة العالمية من شأنها أن تساعد على ضمان بقاء سلاسل الإمداد الغذائية والزراعية، التي لا تتأثر بصفة مباشرة بالعقوبات، مفتوحة وتعمل بكفاءة.ِ

بينما يراقب العالم مأساة أوكرانيا التي تتوالى فصولها، علينا جميعاً أن نوجه تركيزنا بشكل عاجل نحو كيفية دعم الشعب الأوكراني. ومن الطبيعي والمناسب أن تركز الحكومات على أوجه الخلل التي تواجه اقتصاداتها. ولكن ينبغي لنا أيضاً أن نتحرك على الفور لضمان ألّا يتحول بعض أفقر الناس وأكثرهم ضعفاً ــ أولئك البعيدين عن الصراع والغائبين عن عناوين الأخبار ــ إلى خسائر جانبية.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …