بقلم: أكرم القصاص – اليوم السابع
الشرق اليوم – في الوقت الذي تتواصل فيه المباحثات بين روسيا وأوكرانيا، وبعد جولات عدة بين وفود عقدت اجتماعات على الحدود بين بيلاروسيا وأوكرانيا، لم تسفر المحادثات حتى الآن عن تقدم يذكر، ولم تجر على مستوى رئاسي، وبالتالي فإن الأمور تسير نحو مزيد من التعقيد، وسط تغذية للتوتر، الرئيس الأوكراني يطلب المزيد من الإجراءات ضد روسيا وترد موسكو بالمزيد من التصلب وردود الأفعال على العقوبات، وترى موسكو أن المحادثات لا تسير باتجاه الحل، بينما تتحرك الدول الأوروبية طبقًا لمصالحها المرتبطة بالطاقة، بينما تتصاعد أسعار الطاقة والغذاء في العالم وتسير نحو المزيد من الارتفاع، بشكل انعكس في أوروبا وتحول إلى أزمة مزدوجة، تضع مصالح الدول والشعوب أمام اختبار صعب.
الكرملين يرى أن المحادثات مع كييف ليست «جوهرية» بشكل كاف، بعد إعلان الرئيس فولوديمير زيلينسكي من ناحيته أن أي «تسوية» يجب أن تطرح في استفتاء، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: نريد أن نرى «محادثات» أكثر نشاطًا، وجوهرية بدرجة أكبر، موقف روسيا معروف، وموسكو سلمت مطالبها بشكل خطى قبل أيام عديدة، ونرغب في جواب سريع وجوهري بدرجة أكبر.
الأطراف الأوروبية تقدم مساعي لا تصل إلى محطات التهدئة، حيث تحدث المستشار الألماني أولاف شولتس، هاتفيًا، إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حثه فيها على وقف إطلاق النار وتحسين الوضع الإنساني في أوكرانيا، ثم تحدث شولتس إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكى، مستفسرًا منه عن تقييمه للوضع الحالي وعملية التفاوض، وفي باريس، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن فرنسا وأوروبا ستبذلان كل ما بوسعهما لوقف الحرب، لكنه يرى غياب اليقين فيما يتعلق بمستقبل الحرب، ويقول «نحن الفرنسيين والأوروبيين سنفعل كل ما بوسعنا لوقف الحرب دون دخولها».
مصالح أوروبا مع النفط والغاز تحدد التحركات، ولهذا رفض المستشار الألماني أولاف شولتس، مرة أخرى، الدعوات إلى مقاطعة إمدادات الطاقة الروسية، واعتبر العقوبات التي فرضت على روسيا تضر حقًا باقتصادها، لكنه أشار إلى أن العقوبات يجب أن تكون «محتملة لمن يفرضونها»، خاصة أن دولًا أخرى في أوروبا تعتمد على النفط والفحم والغاز من روسيا أكثر من ألمانيا، وتدفع دول أوروبية لروسيا مئات الملايين من الدولارات كل يوم مقابل الوقود، وهو ما يراه مسؤولون أوكرانيون تمويلا لحرب روسيا على بلدهم.
الرئيس الأوكراني طالب زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بالمزيد من الإجراءات والمقاطعة، وطلب تزويدا بالسلاح، ورفضت المجر، طلبا من زيلينسكي لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، ودعم العقوبات على قطاع الطاقة الروسي. وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، إن طلبات زيلينسكي «تتعارض مع مصالح المجر، والعقوبات على قطاع الطاقة الروسي، تعني أن الاقتصاد المجري سيتباطأ ثم يتوقف في غضون لحظات، مشيرًا إلى أن 85 بالمئة من الغاز المجري وأكثر من 60 بالمئة من نفطها يأتي من روسيا، وأن منع صادرات الطاقة الروسية سيجبر المجريين على «دفع ثمن الحرب».
المجر ليست وحدها، فالعلاقات الاقتصادية المتشابكة تضاعف من تعقيدات المواقف، وتجعل احتمالات استمرار الحرب قائمة، خاصة أن قرارات روسيا ردًا على العقوبات تدعم هذه التعقيدات، وبعد قرار روسيا بتحصيل عوائد النفط والغاز بالروبل، قال رئيس لجنة البوندستاج للمناخ والطاقة كلاوس أرنست، إن بلاده في حال دفعت إمدادات الغاز الروسي بالروبل، ستضطر لانتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على البنك المركزي الروسي، وفي الوقت نفسه اعتبر البرلماني الألماني، أن تجميد الأصول الروسية في الخارج يمكن اعتباره انتهاكا للاتفاقيات مع روسيا.