كلمة صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – ربما هي سابقة لم تحدث من قبل؛ أن تُعقد ثلاث قمم في يوم واحد، وفي مدينة واحدة، ولمناقشة موضوع واحد!
فقد اجتمع قادة الحلف الأطلسي، والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع على التوالي في العاصمة البلجيكية، بروكسل؛ لبحث الخطوات والإجراءات التي يمكن اتخاذها ضد روسيا، لمنعها من تحقيق أهدافها من الحرب ضد أوكرانيا.
ما صدر من قرارات عن هذه القمم، يؤكد توجه الدول الغربية لممارسة حملة ضغط هائلة، عسكرياً ومالياً واقتصادياً، ضد روسيا، لكن من دون التدخل المباشر في الصراع، في استعراض غربي نادر للقوة قادته الولايات المتحدة؛ حيث تجاوز خلافاته، وتوحد في قضية يرى أنها تمثل بالنسبة له مسألة تمس وجوده، لأن السماح لروسيا بالانتصار في حربها، يعني أن نظاماً عالمياً جديداً سوف يقوم على أنقاض النظام الحالي الذي تتربع الولايات المتحدة على عرشه منفردة. وبمعنى آخر قيام هيكلية أمنية جديدة في أوروبا والعالم، تتشارك فيها روسيا والصين أيضاً، ما سيخلق مناخاً عالمياً من التنافس على المصالح من دون ممارسة سياسات القوة والتدخل والهيمنة والاستقواء والغلبة.
صحيح أن حلف الأطلسي رسم حتى الآن خطوطه الحمر عند حدوده، لكن ما تم الاتفاق عليه في بروكسل، يؤكد أن الحلف مستعد لتفريغ كل أسلحته في أوكرانيا ضد روسيا، من خلال إرسال المزيد من الأسلحة الهجومية الفتاكة؛ مثل الصواريخ المتطورة ضد الطائرات والدبابات، وأطنان الذخائر والمستلزمات اللوجستية والمدافع والطائرات المسيّرة، إضافة إلى تشكيل أربع مجموعات قتالية جديدة في رومانيا والمجر وبلغاريا وسلوفاكيا، تضاف إلى المجموعات الأربع المتواجدة أصلاً في هذه الدول، وكذلك إرسال المزيد من بطاريات الدفاع الجوي والسفن الحربية والطائرات؛ بهدف حماية الخاصرة الشرقية للحلف.
من الواضح أن هذه الإجراءات هي رسالة واضحة إلى روسيا، بأن مطالبها بشأن عدم توسع الحلف شرقاً، وتحقيق أمن متكافئ، وسحب القوات القتالية الأطلسية من شرق أوروبا، مرفوضة بالمطلق، بمعنى أن عليها إذا لم تتراجع عن مطالبها، أن تواصل القتال في ظل زخم دعم عسكري غربي متصاعد إلى أوكرانيا، وأنه إذا كانت قادرة على مهاجمة دولة غير عضو في حلف الأطلسي مثل أوكرانيا، فإنها لن تستطيع ذلك بالنسبة لدولة عضو في الحلف.
من الواضح أن الاستراتيجية الجديدة لحلف الأطلسي والدول الغربية تقوم على استنزاف روسيا عسكرياً في أوكرانيا، وإغراقها داخلياً في أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية من خلال فرض عقوبات قاسية عليها، أي إنهاكها تماماً، وإضعاف كل إمكاناتها التي تؤهلها لمواصلة القتال.
إن استخدام أوكرانيا وشعبها «كبش فداء» على مذبح الصراعات الدولية هو في حد ذاته يتناقض مع كل القوانين الإنسانية، ولا بد بالتالي من صحوة عالمية، تنقذ البشرية من هذا الجنون.