افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – جاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تطبيق سلسلة من الإجراءات «لتحويل الدفعات المالية مقابل إمدادنا من الغاز إلى الدول غير الصديقة إلى الروبل الروسي»، مفاجئاً للدول الأوروبية التي تستورد من روسيا نحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز، وظهرت التباينات في ردود فعلها بين رافض للقرار وبين التروي «لإجراء المزيد من المناقشات مع الشركاء».
وخلفية قرار الرئيس الروسي تستند إلى محاولة الرد على العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضتها الدول الغربية على بلاده، وقد أكد أن بلاده ستواصل توفير إمدادات الغاز بحسب العقود المبرمة على الرغم من اتخاذ عدد من الدول «قرارات غير قانونية» بتجميد أصول روسيا المالية. وشدد بوتين على أن بلاده ستتوقف عن تلقي الدفعات بالعملات التي وصفها بـ «المخترقة»، ويعني الدولار واليورو.
ولوحظ أنه فور إعلان القرار حقق الروبل مكاسب مقابل الدولار واليورو، إذ قفز سعر الروبل إلى أعلى مستوى له منذ ثلاثة أسابيع ليصل سعر صرف الدولار 100 روبل، بعد أن بلغ الدولار قبل ذلك 150 روبل، وبذلك يكون الروبل قد ارتفع في مداولات أمس بنسبة 3.5 مقابل الدولار.
وفيما توقع مراقبون أن تؤدي خطوة بوتين إلى تعزيز العملة الروسية، من بينهم الشريك في شركة استشارات الطاقة ليون ايزبيكي التي تحمل الشركة اسمه، الذي قال إنه «لا توجد عقوبات مطبقة من شأنها حظر مدفوعات الغاز الروسي بالروبل»، لكنه أشار إلى أنه «من غير الواضح ما إذا كان من السهل على العملاء الأوروبيين تحويل مدفوعاتهم بالروبل بالنظر إلى حجم المدفوعات». إلا أن البنك المركزي الروسي يمكن أن يوفر سيولة إضافية لأسواق الصرف الأجنبي التي من شأنها تمكين العملاء الأوروبيين والمصارف من الحصول على الكمية المطلوبة من الروبل في السوق.
إلا أن البعض يرى أن القرار الروسي يشكل «خرقاً» للعقود التي تم الاتفاق عليها باليورو، ويشكك بعض الخبراء بفاعلية القرار وصعوبة استبدال الدولار واليورو بالروبل. لكن هناك رأياً آخر عبّر عنه الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أحمد شوقي الذي رأى أن بيع النفط الروسي بالروبل «يهدد عرش الدولار» لأنه سيؤدي إلى الضغط عليه، ويخفض سعره أمام العملات الأخرى.
من الواضح أن الرئيس الروسي يستخدم نفس السلاح الذي استخدمته الدول الغربية، وهو السلاح المالي والاقتصادي، إذ سبق له أن أعلن بأن العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على بلاده «شبيهة بإعلان الحرب».
إن الحرب الأوكرانية تتخذ منحى جديداً ومتدرجاً، وهو استخدام كل الأسلحة المتاحة لدى الطرفين، من أجل فرض وقائع جديدة للصراع، إذ يبدو أن كل طرف لديه في جعبته ما يكفي من أسلحة للرد على الآخر، على أمل أن يبقى الصراع ضمن «خطوط حمراء» وفي ميادين محددة لا يتم تجاوزها.