الرئيسية / مقالات رأي / القوة العسكرية الأوروبية

القوة العسكرية الأوروبية

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم – قوة الاتحاد الأوروبي بالأساس اقتصادية وثقافية، وبدرجة أقل سياسية، ونقطة ضعفه الكبرى في قوته العسكرية، أو بالأحرى قدرته على التحرك العسكري الموحد ودفع ضريبة أي تدخل عسكري محتمل، كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة وروسيا أو الصين التي لم تُختبر بعد.

والحقيقة أن الهجوم الروسي على أوكرانيا فتح ملف القدرات العسكرية الأوروبية، وهل ستكتفي بالوجود في حلف الناتو أم أنها قادرة على بناء قوة أوروبية مستقلة وقوية حتى لو بقيت معظم دولها في حلف الأطلنطي؟

وقد اتخذت معظم الدول الأوروبية قرارات في اتجاه زيادة نفقاتها العسكرية، وبدا التحول الألماني لافتًا في هذا الإطار، فقد أعلنت عن رفع إنفاقها العسكري من 55 مليار يورو سنويًا إلى 100 مليار، وإعلان مستشارها تخلي بلاده عن عقيدة استمرت منذ الحرب العالمية الثانية، وقررت لأول مرة تزويد دولة في منطقة نزاع بالأسلحة، حيث أرسلت شحنات سلاح دفاعية إلى أوكرانيا، وهذا يعتبر «تحولًا تاريخيًا» مقارنة بما كان عليه الحال طوال العقود الماضية، أما بريطانيا فقد أقرت زيادة في ميزانية الدفاع بأكثر من 16.5 مليار دولار، كما أعلنت فرنسا أنها ستزيد من ميزانية الدفاع لهذه السنة بأكثر من ملياري يورو، في وقت تحقق فيه هدف تخصيص 2% من ناتجها الداخلي الخام للجيش.

وزادت كل من هولندا وإيطاليا نسب إنفاقهما العسكري، وكذلك فعلت بلدان كانت تطالب بتخفيض الإنفاق على الجيوش مثل السويد والدنمارك، كما بحثت دولة صغيرة على حدود روسيا، مثل فنلندا، والتي عُرفت بحيادها، الانضمام لحلف الناتو.

ورغم أن حرب البوسنة كانت ناقوس خطر لأوروبا، ولم يحسمها إلا التدخل العسكري الأمريكي، فقد بقيت أوروبا على حالها تركز على برامج التنمية والشراكات الاقتصادية مع مختلف دول العالم، وغابت عن المعارك العسكرية التي شهدها العالم إلا في حالة بريطانيا التي لحقت بمعارك الولايات المتحدة، خاصة أثناء غزو العراق في 2003.

والحقيقة أن الحديث عن بناء جيش أوروبي موحد أو تزايد نفوذ أوروبا من خلال اعتمادها على الأداة أو القوة العسكرية أمر مازال بعيدًا عن الواقع، صحيح أن الحرب في أوكرانيا جعلت اهتمام أوروبا بزيادة قدراتها العسكرية حقيقة، إلا أنها لن تكون قادرة على منافسة القوى العسكرية الثلاث الأولى في العالم (أمريكا والصين وروسيا)، لأنها من ناحية ستحتاج إلى تغيير عميق في الثقافة السياسية والمجتمعية لكي تدخل القوة العسكرية كمكون رئيسي من أدوات القوة الأوروبية، في قارة دفعت الثمن الأكبر من ضحايا الحروب العالمية، وهو أمر غير مؤكد حدوثه على الأقل في المستقبل المنظور أو المتوسط، كما أن عدم قدرة أوروبا على تحديد أعدائها بصورة متوافق عليها يجعل هناك وحدة في القيادة العسكرية والقرار الاستراتيجي، كل ذلك يؤجل من بزوغ القوة العسكرية المؤثرة.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …