الشرق اليوم- مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربي الجديدة بشأن اليمن، تفتح الباب الموصد للحرب اليمنية، وتضع الأطراف كلها أمام مسؤولية إنقاذ بلادها من المحنة التي دخلت عامها السابع مع كل ما اكتنفها من دمار وقتل وجوع وفقر.
الدعوة إلى اجتماع هذه الأطراف في مقر المجلس في الرياض اعتباراً من 29 مارس (آذار) الجاري بهدف حث الجميع على قبول وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات وإطلاق عملية سياسية شاملة توصلاً للسلام المنشود، هي استكمال للمبادرة الخليجية التي أعلنت العام 2011 لترتيب نقل السلطة سلمياً، وللجهود المتواصلة التي بذلتها دول المجلس طوال السنوات الماضية لوضع حد للمأساة اليمنية، ووضع حد للتمرد الحوثي الذي أدى إلى ما أدى إليه من اقتتال وانقسام وتدخلات خارجية.
صحيح أن هذه المبادرة لبدء مفاوضات يمنية – يمنية ليست جديدة، إذ سبقتها جهود عربية ودولية للتوصل إلى حل سياسي، بدءاً من مؤتمر جنيف في 16 يونيو (حزيران) 2015 بحضور الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون، ثم مفاوضات الكويت في أغسطس (آب) 2016 التي استمرت نحو ثلاثة أشهر، ثم محادثات استوكهولم في ديسمبر (كانون الأول) 2018، التي انتهت باتفاق على وقف النار في الحديدة، في خطوة كان من المفترض أن تمهد لبدء حوار بين الأطراف اليمنية، وكلها انتهت إلى الفشل لأنها اصطدمت بمواقف حوثية صعبة، وبشروط غير قابلة للتنفيذ، إضافة إلى انعدام الثقة بين المتفاوضين.
وتواصلت الحرب، واستمر النزف، واتسعت رقعة الدمار ومعها تصاعدت حدة المأساة الإنسانية التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم، حيث بات 80 في المئة من السكان، أي نحو 24 مليون لاجئ بحاجة إلى مساعدة غذائية أو حماية، بينهم 14.3 مليون شخص بشكل عاجل، ناهيك عن الأمراض والأوبئة التي فتكت بمئات آلاف الأطفال والمدنيين. كما تسببت الحرب بدمار هائل في البنية التحتية التي كانت تعاني في الأصل من الضعف، إذ شملت الأضرار آلاف الأبنية والمدارس والمساجد والمعالم الأثرية والمنشآت الرياضية والجامعية والمستشفيات والمراكز الصحية والمطارات ومحطات الطاقة ومخازن الغذاء.
ولأن المأساة اليمنية وصلت إلى حد الكارثة الإنسانية المكتملة الأركان، فإن المبادرة الخليجية الجديدة تمثل ضوء الأمل المتبقي في نهاية النفق، لعل الأطراف اليمنية تعود إلى رشدها وتتعقل، وتفكر في إنقاذ ما تبقى من يمنها كي يعود ويأخذ دوره كبلد يحتضن كل أبنائه، ويستعيد عافيته ويتحقق الأمن في ربوعه، ويبدأ مرحلة التعافي وإعادة إعمار ما دمرته الحرب بدعم ومساعدة أشقائه في دول مجلس التعاون.
إن على جماعة الحوثي تحديداً، إذا كانت تعتبر نفسها جزءاً أصيلاً من المكون اليمني، أن تتخلى عن طموحاتها وسياساتها الأحادية ومصالحها الخارجية، وتقرر سلوك الطريق الإيجابي وصولاً إلى اتفاق سياسي بين شركاء الوطن، يحفظ حقوق الجميع من دون تفرد، والمشاركة في بناء اليمن، كي لا تطول محنته أكثر من ذلك.
المصدر: صحيفة الخليج