الرئيسية / مقالات رأي / «الأتمتة».. تسهيل أم تعقيد؟

«الأتمتة».. تسهيل أم تعقيد؟

بقلم: جمال الدويري – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – التقنيات الحديثة و«الأتمتة» التي دخلت جميع مناحي الحياة، سهّلت علينا الكثير من الأمور والتعقيدات والإجراءات غير المبررة، التي كنّا نتكبّد عناء إتمامها قبل إتمام المعاملة نفسها.

هذه التقنيات وفرت الكثير من الزحام والأموال واختصرت الوقت، وحولت الحياة إلى 24 ساعة عمل، فأصبحنا نحوّل الأموال في أي ساعة، وندفع الفواتير والالتزامات في أي وقت، وتخلّصنا من فكرة «انتهى الدوام»، أو «أغلق الصندوق» أو الاضطرار إلى التعامل مع أكثر من موظف لاستكمال معاملة واحدة.

هل نذكر قبل نحو 15 عاماً، حين كنا نقف في أرتال لدفع فاتورة الكهرباء، أو أمام جهاز الصراف الآلي لسحب النقود، وغيرها من الصفوف التي ليس لها أول من آخر.

هذا كله محل تندّر وشيء من الاستذكار لبعض أشكال الحياة التقليدية التي كنا نعيشها، ونعاني طول إجراءاتها وتعقيدها في بعض الأحيان، والاضطرار إلى مراجعة الدائرة مرة وأكثر لإنجاز المعاملة نفسها.

هذا الحديث سببه، تذكير بعض الدوائر والمؤسسات التي أصبحت تبالغ في طريقة تعاطيها مع «الأتمتة»، فبعض الأفراد الذين تعترضهم إشكالية في بطاقات ائتمان، أو معاملة بنكية مثلاً، ويضطرون إلى مراجعة مقر البنك، ليتخلصوا من الصداع بعدما ملّوا الانتظار على الهاتف. يخبرهم موظفو الفرع بأن عليهم حل الإشكالية عبر التطبيق، أو الاتصال على أرقام خدمة العملاء.

للأسف بعض البنوك، ليس لديها أي طريقة لحل الإشكالية بعد أن «أتمتت» جميع خدماتها، وعلى العميل فعلاً حل إشكاليته عبر تطبيق البنك، أو الانتظار أوقاتاً طويلة وأحياناً طويلة جداً على الهاتف، حتى يتسنّى له التواصل مع موظف خدمة العملاء، على الرغم من أنه داخل فرع البنك نفسه.

هنا، فإن هذا الأمر سيكون سوءاً لاستخدام التطبيقات، وسينعكس على سمعة هذه المؤسسة أو تلك، فما معنى أن يراجع العميل شخصياً المؤسسة التي لديه فيها مشكلة، ثم يطلب منه التواصل عبر التطبيق أو الهاتف؟ وإذا كان المقر غير قادر على خدمة العميل، فلماذا يُشرع أبوابه أمام الناس؟

يضاف إلى هذه الإشكالية التي تواجه المراجعين، شكوى العامة من المجيب الآلي الذي فرضته الكثير من المؤسسات على عملائها، ويبدأ في جدال ليس له أول من آخر مع مساعدة «افتراضية»، حتى يتسنّى له بعد جهد جهيد الوصول إلى الموظف المعني.

المبالغة في التقنيات في الوقت الحالي قد تنقلب إلى الضد؛ لأن عملية نقل الناس بسرعة كبيرة قد تسبّب نوعاً من إرباكهم وتأخّر معاملاتهم، خاصة أن فينا جيلاً من كبار السن لن يعتادوا بسهولة هذا الأمر، وهو ما يستدعي الأخذ بالتطور شيئاً فشيئاً.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …