الشرق اليوم- ساد اعتقاد لدى ذوي النوايا الطيبة من سياسيين ونشطاء السلام، أن جائحة كورونا وكارثة المناخ سوف يدفعان العالم إلى مزيد من التضامن والتعاون والتوحد لمواجهة هاتين الأزمتين اللتين باتتا تشكلان خطراً داهماً على البشرية ، وتؤديان بالتالي إلى وضع الصراعات الدولية جانباً، والتخلي عن كل مبادئ الهيمنة والسيطرة، وتقليص حدة النزاعات الدولية والتفرغ الجماعي لخوض معركة حماية الإنسان والأرض.
لقد أدى وباء كورونا حتى الآن إلى وفاة أكثر من ستة ملايين شخص وإصابة حوالي 650 مليوناً، عدا ما أصاب الاقتصاد العالمي من شلل أنهك دول العالم وضرب قدرات الدول على الصمود، وقطع أوصال العالم والمجتمعات التي عاشت تحت ظل إجراءات احترازية خانقة، فيما كانت أزمة المناخ تلقي بظلالها المأساوية على العالم بسبب الاحتباس الحراري جراء تزايد الأنشطة البشرية الناجمة عن انبعاثات غازات الدفيئة ما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض، ما سيؤدي إلى الجفاف وندرة المياه والحرائق الشديدة وارتفاع مستويات سطح البحر والفيضانات وذوبان الجليد القطبي والعواصف الكارثية وتدهور التنوع البيولوجي.
لقد شهد العالم خلال السنوات القليلة الماضية نماذج من هذه الكوارث في فيضانات وحرائق هائلة شهدتها العديد من دول العالم، إضافة إلى جفاف ضرب العديد من الدول الإفريقية أدى إلى هجرة ملايين البشر من أرضهم، وكذلك ذوبان كتل هائلة من الجليد في المحيطين المتجمد الشمالي والجنوبي، سيؤدي في حال استمراره إلى ارتفاع مستوى البحر وغرق العديد من الجزر والمناطق الساحلية.
في حال تواصلت أزمة المناخ على هذا المنوال فإن العواقب المناخية سوف تؤدي إلى موجات هجرة جماعية ومجاعة ونقص في المياه وفي المواد الغذائية.
كان الاعتقاد بأن العالم، وتحديداً الدول الكبرى التي تقبض على مقاليد السلطة والقوة سوف تتخلى عن طموحاتها وصراعاتها وتلتفت إلى ما يهددها ويهدد البشرية جراء وباء كورونا الذي يستفحل ويواصل إنتاج متحورات جديدة قاتلة، وأيضاً إلى كارثة المناخ التي تزحف للقضاء على الأرض موئل البشرية إذا لم تتحذ إجراءات عاجلة لإنقاذها من خلال الوفاء بالالتزامات التي اتخذت في المؤتمرات والقمم التي عقدت من أجل المناخ، وخصوصاً خفض الانبعاثات، والتكيف مع تأثيرات المناخ، وتوفير التمويل اللازم، بتقديم 100 مليار دولار سنوياً إلى البلدان النامية حتى تتمكن من التكيف والتحرك نحو اقتصادات أكثر اخضراراً.
المؤسف، أن الدول الكبرى لم تلتزم بتوفير هذا المبلغ حتى الآن في حين أنها تخصص مليارات الدولارات لتمويل آلة الحرب، كما أنها تتعامل مع جائحة كورونا بازدواجية ومن منطلق الاحتكار من حيث عدم الاكتراث بتوفير اللقاحات للدول الفقيرة، وخصوصاً في إفريقيا التي لم تتجاوز نسبة التلقيح فيها ال20 في المئة.
الحقيقة أن النظام العالمي القائم هو نظام “مجنون” يفتح أبواب جهنم، ويسدل الستار على حلم عالم يسوده الأمن والسلام والتنمية المستدامة .
المصدر: صحيفة الخليج