الشرق اليوم- انتهى اجتماع استغرق سبع ساعات في العاصمة الإيطالية بين مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان وكبير مسؤولي السياسة الخارجية الصينية يانغ جيشي، إلى خلاف عميق بين البلدين حول المقاربات الأمريكية – الصينية بالنسبة للحرب في أوكرانيا، لكنهما اتفقا على “استمرار التواصل بين الجانبين”.
كانت واشنطن، تأمل في إقناع بكين بالتخلي عن موقفها الحيادي والانضمام إلى صفوف فارضي العقوبات الاقتصادية والمالية على روسيا، لعلها بذلك تطلق “رصاصة الرحمة” على الكرملين وتجبره على التراجع عن شروطه التي دخل الحرب من أجلها في أوكرانيا.
واشنطن تدرك تماماً أن الصين تمثل شريان الحياة لروسيا في الأزمة الحالية، لذلك سعت لقطع هذا الشريان من خلال محادثات مريرة استمرت سبع ساعات، وانتهت بإعلان صيني صدر عن وزير الخارجية وانج يي، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل خوسيه بأن “بكين ترفض العقوبات من حيث المبدأ، وأن لها الحق في حماية حقوقها ومصالحها المشروعة”، كما اعتبر أن الصراع الأوكراني هو “نتيجة لتراكم واحتدام التناقضات الأمنية الأوروبية على مدار السنين”.
إذا كانت الولايات المتحدة، تعتقد بأن الصين سوف تمتثل للعقوبات الغربية الصعبة المفروضة على روسيا، فهذا يعني أن إدارة الرئيس جو بايدن، تفتقد إلى الرؤية السياسية الحصيفة، فهي تفرض على الصين عقوبات اقتصادية وتجارية وتقنية ومالية قاسية، ثم تطالبها بالانضمام إلى العقوبات المفروضة على روسيا. كذلك فإن بكين تدرك بأن إضعاف روسيا سوف يفقدها حليفاً قوياً في مجرى الصراع المحتدم على النظام الدولي، وبالتالي فهي مستهدفة أيضاً بالدرجة الأولى في هذا الصراع، وسوف يأتي الدور عليها بعد روسيا.
ثم إن العلاقات الصينية – الروسية، قطعت في السنوات الأخيرة، مراحل متقدمة من التعاون في مختلف المجالات وصل إلى حد التحالف الاستراتيجي في إطار الصراع المحتدم مع الولايات المتحدة على اتساع الكرة الأرضية، والتفريط بهذا التحالف يعني هزيمة البلدين وإعلان تفرد الولايات المتحدة بقمة النظام الدولي من جديد.
وفي إطار هذا التحالف، تعتبر الصين أكبر سوق منفرد للصادرات الروسية، مثل النفط والغاز والفحم الحجري والمنتجات الزراعية، ووصل حجم التجارة بين البلدين، إلى مستوى مرتفع جديد بلغ نحو 147 مليار دولار العام الماضي، أي ما يقرب من 36 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه، وشكل حوالى 18 في المئة من إجمالي التجارة الروسية في عام 2021. وخلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى بكين في فبراير/شباط الماضي، قال إن البلدين سيعززان تجارتهما ليبلغ حجمها 250 مليار دولار بحلول عام 2024. وفي العام الماضي كانت روسيا أكبر مورد للنفط إلى الصين وثالث أكبر مورد للغاز؛ حيث بلغت الصادرات 41.1 مليار دولار و4.3 مليار دولار على التوالي. وكشف بوتين مؤخراً عن صفقات نفط وغاز جديدة مع الصين تقدر بنحو 117.5 مليار دولار.
لكل هذه الأسباب، ولأسباب جيوسياسية ترفض الصين الانضمام إلى العقوبات الغربية، لأنها ليست في مصلحتها على المديين القريب والبعيد.
المصدر: صحيفة الخليج