By: Kevin Rudd
الشرق اليوم – قبل أن يجتمع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جاك سوليفان، مع كبير الدبلوماسيين الصينيين يانج جيتشي، في روما، يوم الاثنين الماضي، كان الكثيرون في الغرب يأملون في أن تحد بكين من دعمها لروسيا بعد غزوها لأوكرانيا، أو حتى المساعدة في إنهاء الصراع من خلال لعب دور الوسيط.
ولكن بعد الاجتماع، الذي استمر سبع ساعات، أصدرت الولايات المتحدة ملخصًا من ثلاث جمل لما جرى في الاجتماع، أشارت فيه إلى أن المحادثات كانت مكثفة وغطت مجموعة من المخاوف بما في ذلك أوكرانيا.
ولا يبدو، على المستوى الظاهري، أن شيئًا قد تغير في موقف الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي لا يزال داعمًا شديدًا لمصالح نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وذلك على الرغم من تصريح وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الأسبوع الماضي، بأن الصين مستعدة للتوسط. إذن ما هو موقف بكين؟، وكيف تنظر الصين إلى الواقع الاستراتيجي والاقتصادي مع بدء حصار كييف بعد ثلاثة أسابيع من حرب بوتين الفاشلة ضد أوكرانيا؟
لقد أذهل استمرار الحرب والدمار الذي خلفته، فضلاً عن سقوط الضحايا من المدنيين بكين، كما أذهلها حدة ردود الفعل الدولية والأوروبية التي تظهر شبه إجماع على إدانة الحرب، ويشعر الدبلوماسيون الصينيون بالقلق من رد الفعل العكسي على السياسة الخارجية لكونهم قريبين جدًا من روسيا خلال الحرب، كما يشعر القادة الصينيون بالقلق بشأن تأثير هذه الحرب على الاقتصاد العالمي وآفاق نمو بلادهم في عام 2022، والتي كانت تحت الضغط قبل الغزو.
ويمثل الارتفاع الصاروخي في أسعار السلع الآن مشكلة أكبر لبكين، وبشكل خاص ارتفاع أسعار الطاقة، وذلك بالنظر لكونها أكبر مستورد للنفط والغاز في العالم، كما يمثل ارتفاع أسعار الحبوب أيضًا مشكلة سياسية داخلية بالنسبة للرئيس الصيني، إذ تأتي الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهما من أكبر مصدري القمح في العالم، في توقيت سيئ للغاية بالنسبة للصين، التي تواجه أمطارًا غزيرة مما أضر بمحصولها من القمح لدرجة أن وزير الزراعة الصيني وصفه بأنه «الأسوأ في التاريخ».
وعلى الرغم من ذلك فإن أكبر مخاوف الصين الاقتصادية الناشئة من أوكرانيا هو خطر فرض عقوبات ثانوية على مؤسساتها المالية إذا تم الحكم على أي منها بانتهاك العقوبات الأمريكية وحلفائها ضد روسيا، وذلك بالنظر لأن بكين تبدو مكشوفة بسبب اعتمادها على نظام «سويفت» المالي العالمي.
وعلى الرغم من التكاليف الاقتصادية والدبلوماسية المتزايدة للحرب بالنسبة للصين، فإنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن بكين ستغير استراتيجيتها تجاه موسكو أو ستسعى للتوسط في وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، وذلك لأربعة أسباب:
أولاً، لأن الإطار الاستراتيجي المشترك الذي وقعته الصين وروسيا في 4 فبراير الماضي، والذي ينص على تعاون استراتيجي «بلا حدود» بين موسكو وبكين لا يزال ساريًا بشكل كامل، كما تعكس الوثيقة العلاقة الشخصية العميقة التي طورها بوتين وشي خلال السنوات السبع الماضية، ولذا فإنه من المحتمل أن يكون الأخير حذرًا من اتخاذ أي إجراء قد يزعج العلاقة بين روسيا والصين، والتي تستفيد منها بكين استراتيجيًا.
وثانيًا، فإنه بينما تشعر بكين بالقلق من التصورات الأوروبية السلبية عن الدعم الصيني لروسيا، فإنها تعتقد أن بإمكانها إدارة أي ضرر يلحق بمصالحها في بروكسل وأماكن أخرى، ففي الأسبوع الماضي، شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز في قمة افتراضية مع شي حول وساطة محتملة، وهو ما يشير إلى أنه على الرغم من أن العلاقات ستكون متوترة مع الأوروبيين لبعض الوقت، فإن هذه المشاكل ستكون مؤقتة على الأرجح.
وثالثًا، فإنه على الرغم من أن الزعيم الصيني قد يكون فوجئ بمقاومة الجيش الأوكراني، وبطء التقدم الروسي، ودرجة الوحدة الأوروبية التي ولّدها الغزو، ولكن في ظل عدم وجود تدخل مباشر لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، فإنه على الأرجح يتوقع أن تحقق موسكو نتيجة عسكرية مقبولة في الصراع.
وأخيرًا، فإنه حتى إذا قرر شي التدخل لإنهاء الحرب، فليس من الواضح ما الذي يمكن أن تقدمه الصين إلى طاولة المفاوضات والذي لن يؤدي إلى إغضاب الرجل الذي وصفه بأنه «أفضل صديق له»، فما الذي يمكن أن تقترحه الصين ويكون مقبولًا من قبل بوتين؟
وصحيح أن كل هذا لا يستبعد احتمال أن تغير الصين موقفها من الحرب في أوكرانيا، ولكن بكين حتى الآن تتحدث عن دور الوساطة دون السعي إلى تحمل دور الوسيط.
ترجمة: المصري اليوم