الشرق اليوم- عندما تعلن الولايات المتحدة على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بأن “رصاصة واحدة” من جانب روسيا على أرض إحدى دول حلف الأطلسي سوف تؤدي إلى تفعيل المادة الخامسة من معاهدة الحلف، فهذا يعني إطلاق العنان لحرب عالمية ثالثة، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة “سوف تعمل على تجنبها”.
لم يحدث أن قام حلف الأطلسي منذ إنشائه قبل سبعين عاماً أن فعّل المادة الخامسة من ميثاقه إلا مرة واحدة، بعد يوم واحد من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، عندما قرر الحلف الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة في ردها على تلك الهجمات، والتي أدت إلى هجوم عسكري واسع في أفغانستان لاجتثاث تنظيم القاعدة الذي أعلن مسؤوليته عن الهجوم.
وتنص المادة الخامسة من ميثاق حلف الأطلسي على أن “أي هجوم أو عدوان مسلح ضد طرف من أطراف دول الحلف يعد عدواناً على جميع الدول الأعضاء، وبالتالي فإنهم متفقون على حق الدفاع الذاتي عن أنفسهم، بشكل فردي أو جماعي، وتقديم المساندة والعون للطرف أو الأطراف التي تتعرض للهجوم باتخاذ الإجراءات اللازمة”.
وقد وضعت هذه المادة عند تأسيس الحلف في العام 1949، وتم التوقيع على الاتفاقية في واشنطن، وكانت في الأساس تستهدف التصدي للاتحاد السوفييتي.
إلا أن كلام سوليفان يبقى مجرد تحذير وجزء من الحرب الكلامية مع روسيا التي أكدت مراراً خلال الأزمة الحالية أنها لا تنوي مهاجمة أية دولة عضو في حالف الأطلسي، في حين قالت واشنطن إنها لن ترسل جنودها إلى أوكرانيا لأنها ليست عضواً في حلف الأطلسي، كما أنها لن تفرض حظراً جوياً فوق أوكرانيا، كما طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لأن ذلك “من شأنه تصعيد الأوضاع ويمكن أن يقودنا إلى الحرب مع روسيا، الأمر الذي لا ينوي الرئيس الأمريكي القيام به”، حسب المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي.
إذاً، فإن تلويح سوليفان بالحرب في حال “إطلاق رصاصة” على أية دولة في الحلف هو من قبيل التحذير من مغبة توسيع ساحة المعركة خارج الأرض الأوكرانية، لأن لا روسيا ولا واشنطن ولا حلف الأطلسي في وارد توسيع رقعة الحرب “حتى الآن” ما دامت أطراف الصراع تدرك مخاطر الانزلاق إلى مواجهة واسعة بلا أفق.
نقول “حتى الآن” لأن المعركة لم تنته بعد، كما لا يعرف مداها، لأن الأخطر هو خروجها عن “الخطوط الحمراء” التي تلتزم بها الأطراف كافة، وعندها ف”الرصاصة الواحدة” يمكن أن تنطلق في أي وقت ومن أية جهة، وتشعل حرباً يحاول الجميع تحاشيها لأنهم يدركون تبعاتها وتداعياتها الكارثية.