بقلم: د. فهد محمد بن جمعة – صحيفة “الرياض”
الشرق اليوم – أعلن الرئيس الأمريكي بايدن الثلاثاء الماضي حظر واردات النفط الروسي في خضم أزمة روسيا وأوكرانيا، وفي الوقت الذي تشهد أسعار النفط والغاز ارتفاعات قياسية، حيث وصل سعر جالون البنزين إلى 4.1 دولارات على المستهلك الأمريكي. أنه امتداد لتعهداته بخفض الانبعاثات الغازية في الولايات المتحدة بـ 50٪-52٪ بحلول 2030 وصفر في 2050. وقد سبق وحظر جميع تراخيص عمليات التكسير الجديدة لإنتاج النفط على الأراضي الفيدرالية وفرض ضرائب جديدة على إنتاج النفط الصخري. كما أعاد الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ التي خرجت منها الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب، وحفز وكالة الطاقة الدولية ولأول مرة تبني خريطة طريق تدعم الطاقة المتجددة، مما أدى إلى خفض الاستثمارات في استخراج المزيد من النفط.
أما على الصعيد الدولي، فقد ألغى بايدن خط أنابيب “Keystone XL”، الذي يربط حقول كندا النفطية بالولايات المتحدة والذي تبلغ كلفته حوالي 8 مليارات دولار، وينقل أكثر من 800 ألف برميل من النفط يوميًا من مقاطعة ألبرتا الكندية ومعامل التكرير في خليج المكسيك، وكذلك ساهم في تعطيل نورد ستريم 2 الروسي لنقل الغاز إلى المانيا. كما أنه يعمل على إعادة الاتفاق النووي الإيراني لتصدير 1.3 مليون برميل يوميا، وتخفيف العقوبات المفروضة على فنزويلا التي قد تزيد إنتاجها من 755 ألف برميل يوميا إلى 1.155 مليون برميل يوميا.
هكذا يعرض بايدن أمن إمدادات الطاقة للخطر.. من خلال خلق بيئة سياسية وتشريعية وتنظيمية معادية بشكل علني لإنتاج النفط في الولايات المتحدة وخارجها والإسراع في التحول من النفط الى الطاقة المتجددة، مما سيرتد على الاقتصاد العالمي ومعدلات التضخم. فبإمكانه تحفيز الشركات الأمريكية لإنتاج المزيد من النفط ولكنه حفزها على شراء أسهمها، حيث انخفض إنتاجها من 12.966 مليون برميل يوميا قبل الجائحة الى 10.4 ملايين برميل يوميا في أكتوبر 2020، ومازال إنتاجها اقل بـ1.3 مليون برميل يوميا عن مستوى ديسمبر 2019 (EIA). وعندما ارتفعت أسعار النفط إلى 130 دولارا وجه غضب المستهلكين الأمريكيين الى بوتن على انه المتسبب في ارتفاع أسعار النفط، بينما الأسعار تجاوزت 90 دولارا قبل هجوم روسيا على أوكرانيا.
لقد ورط بايدن نفسه والدول الأوروبية التي تعتمد على نفط روسيا ومنتجاته بـ34% أو 4.5 ملايين برميل يوميا والغاز بـ 40% أو 155 مليار متر مكعب في 2021 (EIA)، بينما واردات الولايات المتحدة من النفط ومنتجاته لا تتجاوز 8% (700 مليون برميل يوميا) في 2021. لذا بدأ بايدن يناقض جميع تعهداته السابقة بتحفيز شركات النفط الأمريكية على زيادة إنتاجها وسحب 30 مليون برميل من الاحتياطي لخفض ارتفاع أسعار الوقود وتودده لأوبك لزيادة إنتاجها بينما هي مازالت ملتزمة بخطتها الإنتاجية.