الشرق اليوم- العقوبات الغربية على روسيا، على خلفية غزوها لأوكرانيا، يمكن أن تجعل منها الخاسر الأكبر في حال إبرام اتفاق نووي مع إيران، وهو ما يضع الحليفين موسكو وطهران في موقف محرج، قد تتغلب فيه المصالح الاقتصادية على التحالفات السياسية.
إن الاتفاق النووي الإيراني بعد 11 شهرا من المفاوضات، بات الآن يواجه خطرا حقيقيا، والسبب هو أن العملية العسكرية التي تشنها روسيا في أوكرانيا، والعقوبات الاقتصادية التي تعرضت لها، خلقت وضعا جديدا، قد يمكن الولايات المتحدة وأوروبا من استيراد النفط الإيراني لتعويض الحظر على النفط الروسي.
وكان توقيع الاتفاق النووي الإيراني ينتظر أن يتم في نهاية الأسبوع الماضي، ولكن تم تأجيله بناء على طلبات روسية، بحسب ما أكدته مصادر دبلوماسية.
وتطالب روسيا بضمانات يتم تضمينها في نص الاتفاق، بأن أي معاملات بين طهران وموسكو ستكون مستثناة من العقوبات الغربية.
هل يمكن الاستجابة للطلبات الروسية؟
إن المفاوضين من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين، لم يتمكنوا من الاستجابة للطلبات الروسية، وهو ما يعني أن مسار مفاوضات النووي الذي استمر لأشهر طويلة سيتم تعليقه الآن.
وقال مسؤول غربي رفيع المستوى: إن الاستجابة للطلبات الروسية تبدو مستحيلة، حيث إن مفاوضات فيينا كانت على وشك إعادة إيران وأمريكا إلى اتفاق 2015، وليس موضوعها العقوبات على موسكو.
وتوضح الصحيفة أنه كان متوقعا أن يتم استئناف المعاملات التجارية بين روسيا وإيران بشكل كامل بعد توقيع اتفاق النووي، ولكن بسبب العقوبات الغربية الجديدة، فإن موسكو ستكون الخاسر الأكبر في هذا الاتفاق.
ويوضح نيكولاس سيركوف، الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط في موسكو، أن اتفاق النووي في شكله الحالي سوف يسمح لإيران بزيادة إنتاجها من النفط، وهذا الإنتاج قد يذهب للأسواق الأوروبية ويعوض النفط الروسي المحظور. كما أن إيران يمكن أن تعوض أيضا النقص الحاصل في الولايات المتحدة، ولهذا السبب فإن روسيا ترغب في إضافة بند جديد في خطة العمل الشاملة المشتركة.
ويقول فلاديمير زاهين الباحث في علوم التاريخ في الأكاديمية الروسية للعلوم: “في ظل هذه الحسابات، أعتقد أن إيران التي تعيش وضعا اقتصاديا صعبا، لن تسمح لموسكو بالتحكم فيها، وستتمسك بمصالحها الاقتصادية عوض الانخراط في مجاملة الحليف الروسي. إن الولايات المتحدة ترغب في توقيع هذا الاتفاق الآن، وعلى الأرجح فإن هذا سيتم خلال أيام أو أسابيع قليلة، وروسيا لا يسعها فعل أي شيء لمنع ذلك”.
هل يمكن إحياء الاتفاق بدون مشاركة روسيا؟
إن إحياء هذا الاتفاق النووي مع الاستغناء عن الدور الروسي يبدو نظريا أمرا ممكنا. إلا أن ذلك سيتطلب إيجاد بلد آخر تصدر إليه إيران كميات اليورانيوم المخصب الزائدة، وتحصل في المقابل على اليورانيوم الطبيعي، إلى جانب المشاركة مع إيران في تحويل مفاعل فوردو للطاقة النووية إلى مركز بحث.
وقد تمت الإشارة إلى كازاخستان كإحدى الدول المرشحة لهذا الدور، ولكن يبقى تعويض روسيا مسألة معقدة، بالنظر إلى الدور التقني الكبير الذي كانت تلعبه.
ولهذا يشير نيكولاي سيركوف إلى أنه في حال نقل الدور الروسي إلى دولة أخرى غربية، فإن مشكلة أخرى ستظهر، وهي الثقة بين إيران والغرب. والآن يواجه هذا الاتفاق معضلة حقيقية، بما أن روسيا إذا وقعت عليه فإنها لن تستفيد منه في شيء.
ويضيف هذا الخبير: أن هذه التطورات تم تسريبها في الإعلام من طرف الغرب، وذلك بغرض الضغط على الطرف الروسي، وتحضير الرأي العام في العالم لتوجيه اللائمة إلى موسكو في حال إخفاق المفاوضات.
ولكن بحسب هذا الخبير فإن موسكو على الأرجح لن تقدم أي تنازلات، وبالتالي فإنهم في الغرب سيضطرون للتنازل، أو سيقضون وقتا طويلا في البحث عن بديل قادر على الاضطلاع بالدور الروسي.
ترجمة: عربي 21