بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
اليوم السابع – لم يكن الهجوم الروسي على أوكرانيا هو الهجوم الوحيد الذي شهده العالم في العقود الثلاثة الماضية، فهناك «غزوتان أخريان» أثرا تأثيرًا هائلًا على العالم، وكانت ساحتهما الوطن العربي، فكانت الأولى في 2 أغسطس من عام 1990 حين قرر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين غزو الكويت وضمها كمحافظة رقم 19 إلى المحافظات العراقية الثمانية عشرة، وفي عام 2003 قرر جورج بوش الابن غزو العراق بحجة وجود أسلحة كيميائية، وثبت كذب هذه الحجة، ودفع العراق ثمنًا باهظًا على المستويين البشري والمادي «للغزوتين»، أي غزو صدام حسين للكويت وغزو أمريكا للعراق، وهو ثمن لم يشهده أي بلد آخر في القرن الماضي إلا أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية، وأخيرًا في 24 فبراير من عام 2022 قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا دون أن يعلن أو ينوي ضمها إلى الاتحاد الروسي.
والمؤكد أن نتيجة الغزو الأول للكويت كانت كارثية على العراق والمنطقة العربية، وهو ما لا يبدو عليه الحال بالنسبة لبوتين، الذي رتب أوراقه وحدد أهدافه بدقة، وهي عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو وعدم تحويلها إلى قاعدة غربية أو منصة عسكرية معادية على الحدود الروسية.
إن المقارنة بين هجوم بوتين على أوكرانيا وغزو صدام حسين للكويت وبوش الابن للعراق تقول إن في الحالات الثلاث هناك فارق هائل في القوة بين طرفي المواجهة، أي بين العراق والكويت، وبين أمريكا والعراق، وبين روسيا وأوكرانيا، كما أن التجارب الثلاث غير شرعية وخارج القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، حيث تم الاعتداء على دول ذات سيادة بحجج مختلفة.
مبررات الغزو في حالة صدام وبوش الابن كانت واهية وليس لها أي أساس أخلاقي أو حتى مبرر موضوعي نتيجة وجود تهديدات استراتيجية من أي نوع، أما في الحالة الروسية فهي بالقطع مُدانة أخلاقيًا وسياسيًا بغزو دولة ذات سيادة، ولكن لديها أسباب ومخاوف موضوعية فيما يتعلق بتمدد الناتو على حدود روسيا وسلوك أوكرانيا العدائي تجاهها.
لقد اختار بوتين خاصرة ضعيفة في التحالف الغربي، وهي أوكرانيا، بلد فيه تيار قوي مؤيد لروسيا ومرتبط بها ثقافيًا، وهو يريد أن يأخذها كنقطة انطلاق لحضور روسي أكبر على الساحة الدولية ومنع الناتو من التمدد على حدودها، أما الغزو الأمريكي للعراق في 2003 فكان لدولة لا تمثل تهديدًا استراتيجيًا لأمريكا وتبعد عنها آلاف الأميال، وبسببها سقط ما يقرب من مليون قتيل وانتشرت جماعات التطرف والإرهاب.
ما فعلته أمريكا في العراق جريمة وخطيئة كبرى، لكنها يجب ألّا تجعلنا نبرر أي غزو آخر نكاية في أمريكا، ولا أن نعتبر المخاوف الروسية المشروعة من تمدد الناتو مبررًا للهجوم على دولة ذات سيادة وشعب حر مستقل.