بقلم: ينال برماوي – الدستور
الشرق اليوم- الأمن الغذائي الأكثر والأسرع تأثرا بالأزمات الاقليمية والعالمية كما يحدث حاليا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا حيث تداعت مختلف البلدان بما فيها المنتجة والمصدرة للأغذية لاتخاذ اجراءات احترازية للتحوط على المخزون للفترة المقبلة وسط عدم اتضاح الرؤية بشأن أمد الحرب وتداعياتها على العالم بشكل عام .
روسيا منذ عامين لأسباب لا يستبعد ارتباطها بالتخطيط للحرب قررت فرض رسوم وقيود على صادراتها من القمح والشعير والذرة فيما بادرت دول مصدرة لأهم السلع الغذائية لاتخاذ اجراءات مماثلة مثل مصر و رومانيا وأوكرانيا ومنعت التصدير نهائيا لبعض المنتجات حيث إن هذه البلدان من أكبر الدول المنتجة للحبوب كالقمح والزيوت النباتية وغيرها .
الدول النامية والتي تعتمد على استيراد معظم احتياجاتها الغذائية ستكون الأكثر تأثرا من غيرها بأزمة الغذاء التي تلوح بالأفق منذ سنوات بسبب التغيرات المناخية وتراجع الانتاج وتعمقت اليوم بسبب الحرب وما قد ينشأ من صراعات اقتصادية وسياسية وربما عسكرية خلال السنوات المقبلة .
عربيا كشف الحرب عورة الأمن الغذائي العربي مبكرا من خلال اعلان دول عربية عن عدم كفاية مخزونها الغذائي فلبنان لا يكفي القمح لاستهلاك مواطنيها أكثر من شهر وأخرى تجهد للشراء من الأسواق العالمية لتلبية احتياجاتها للأشهر المقبلة وكذلك الحال بالنسبة للسلع التموينية الأخرى كالزيوت النباتية وغيرها فيما تؤكد المؤشرات الحالية أن أسعار السلع والمواد الأولية سترتفع بشكل كبير خلال الفترة المقبلة .
في هذه الأثناء يعود للواجهة الحديث القديم الجديد عن الأمن الغذائي العربي والتحديات التي يواجهها وضرورة اتخاذ خطوات عملية لوضع وتنفيذ رؤية شاملة لتحقيق التكامل في مجالات الأمن الغذائي في العالم العربي بالاستفادة من الامكانات المتوفرة وتفادي الاضطرابات العالمية وانعكاساتها على قوت المواطن العربي بل والتأثير سلبا في الوضع الاقتصادي بشكل عام من خلال ارتفاع فواتير شراء الغذاء وزيادة الضغوطات المالية .
دول عربية بعينها يمكن أن تشكل سلة الغذائي العربي مثل السودان ومصر وسوريا والتي تتميز بخصوبة أراضيها وتوفر المياه والظروف المناخية وهنالك تجارب سابقة وحالية باقامة مزارع للقمح والحبوب والمواشي اللاحمة فيهما وساهم الانتاج بتغطية جانب بلدان أخرى .
اذا ما أرادت الدول العربية تحقيق التكامل في مجال الأمن الغذائي يجب إنشاء جهة عربية موحدة لهذه الغاية تكون في منأى عن الخلافات السياسية التي ما تزال تشكل عائقا أمام التعاون العربي العربي في العديد من المجالات التي يجري الحديث عنها منذ عقود .