الرئيسية / مقالات رأي / The Guardian: حرب بوتين على أوكرانيا ستهز عالمنا بقدر ما هزته أحداث 11 سبتمبر

The Guardian: حرب بوتين على أوكرانيا ستهز عالمنا بقدر ما هزته أحداث 11 سبتمبر

By: Jonathan Freedland


الشرق اليوم – سلطت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس الضوء على نقطة حقيقية تمامًا حينما أعلنت في خطاب ألقته يوم الخميس الماضي أن «غزو أوكرانيا هو نقلة نوعية مثل هجمات 11 سبتمبر».
لقد شعرت بالصدمة عند سماع مثل هذا التقييم الدقيق من عضو بارز في حكومة المملكة المتحدة، ومع ذلك، فإن هناك أشياء لم تقلها تروس ولن تقولها، وذلك لأن الوقت سيثبت أن حرب أوكرانيا في 24 فبراير أكثر أهمية من 11 سبتمبر، كما تتمثل الأهمية الأساسية لإجراء مقارنة بين الوقت الحالي وأحداث سبتمبر 2001 في ضمان عدم ارتكاب نفس الأخطاء مرة أخرى.
فقد كانت الهجمات على نيويورك وواشنطن في ذلك الوقت بمثابة دعوة للعالم الديمقراطي لليقظة والدفاع عن مبدأ أساسي من مبادئ الحرية، ولكن يبدو صوت هذه الدعوة أعلى الآن، وذلك لعدة أسباب من بينها أن التهديد الذي يشكله الرئيس الروسى فلاديمير بوتين هو أكثر حدة من التهديد الذي مثله خاطفو طائرات 11 سبتمبر.
ومن خلال غزو أوكرانيا، فإن بوتين انتهك المفهوم الأساسي للسيادة وتقرير المصير الذي تتعايش من خلاله الدول، كما أظهر أنه يرى أن الدول الكبرى يمكن أن تلتهم الدول الأصغر، وتحول شعوبها إلى تابعين.
وقد كان يُنظر إلى مرتكبى هجمات 11 سبتمبر على أنهم يمثلون خطرًا عميقًا يهدد قيمنا وطريقة حياتنا، ولكن الوصف المناسب لتهديد بوتين الحالى يمكن وصفه بـ«العدمية» (موقف فلسفي يقول إن العالم كله بما في ذلك وجود الإنسان، عديم القيمة وخال من أي مضمون أو معنى حقيقي)، وهو الأمر الذي يمكن مشاهدته في دمار وازدراء الحياة البشرية، والذي تم التعبير عنه فى القصف المتكرر للمدنيين الأوكرانيين، حتى أولئك الفارين منهم بحثًا عن الأمان، فضلًا عن الاستهداف المتعمد للمباني السكنية ورياض الأطفال والمستشفيات، بما في ذلك مبنى في «ماريوبول» للأمهات والأطفال والرضع.
وإذا كانت هذه الحرب حقًا نقلة نوعية مثل 11 سبتمبر، فإنه يجب أن يكون الدرس الأول الذي يتعين علينا تعلمه هو عدم إفساد الأمر كما فعلنا سابقًا، كما أن هناك خطأ سيكون من السهل تجنبه، إذ أخطأ الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق تونى بلير عندما أطلقوا العنان للخطاب وأساليب الحرب، على الرغم من أن الأمر كان ينبغى أن يقتصر على العمليات البوليسية، إذ تم التعامل مع الإرهابيين الخطرين الذين كان من المفترض أن يكونوا أهدافًا لأعمال الشرطة والاستخبارات الطويلة والمكثفة والمعقدة، باعتبارهم أعداء عسكريين، مما منحهم المكانة التي يتوقون إليها.
وصحيح أنه لا يوجد خطر من تكرار هذا الخطأ هذه المرة، وذلك لأن ما يجرى الآن هو حرب فعلية تنخرط فيها دولة فعلية، ولكن هناك خطرًا لا يزال قائمًا وهو الخطأ في تحديد العدو، إذ إنه قبل عقدين من الزمن، سارع الصقور للحديث عما وصفوه بـ«صراع الحضارات»، كما لو أن الغرب مقدر له أن يخوض معركة ليس مع مجموعة محددة من الجهاديين العنيفين ولكن مع الإسلاميين إن لم يكن الإسلام نفسه، وهو ما كان خطأً مصيريًا وقاتلًا.
وقد ظهر هذا الخطأ في دخول الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فى أفغانستان، عندما كان المطلوب هو تبني القوات الخاصة جهودًا لاقتلاع تنظيم القاعدة، وكان التصرف الأكثر كارثية هو غزو العراق للبحث عن أسلحة لم تكن موجودة، كما كان هناك أيضًا مجموعة من التحركات الداخلية التى لم تكن نتيجتها عزل الجهاديين العنيفين واعتقالهم فحسب، بل شيطنة المسلمين وإقصاءهم.
ولذا فإنه يجب على الغرب ألا يرتكب هذا الخطأ مرة أخرى، بل يجب أن يكون محددًا، فالمعركة الآن هي ضد بوتين وفكره، وليست ضد روسيا أو الروس، ولذا فإن قطع الروابط مع المؤسسات المرتبطة بالكرملين يعد أمرًا منطقيًا، ولكن حظر الروايات الروسية هو أمر غبى، وذلك لأن معظم الروس أنفسهم ضحايا لبوتين، إذ سلبهم هو وأتباعه، كما أنه يعمل على تلقينهم الأكاذيب بالقوة، ولذا فإن هؤلاء الروس سيكونون حلفاء رئيسيين لنا في الحرب ضد فكر بوتين.
وقد تكون أوكرانيا بمثابة جرس إنذار للجيل الذي بلغ سن الرشد وسط تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهو الجيل الذي تركته تلك السنوات فى حالة تناقض بشأن القوة الصارمة للولايات المتحدة، وذلك لأنه رأى أن الأمور تسير بشكل سيئ للغاية خاصة في العراق، ولكن يبدو أن الجيل الجديد يرى أنه من أجل الوقوف فى وجه ديكتاتور قاتل يعارض كل من يؤمنون به، من حقوق الأقليات إلى حرية التعبير، فإنه في بعض الأحيان يكون استخدام القوة هو الحل.
وهذه هي الأيام الأولى فقط فى الحرب الأوكرانية، وسيكون هناك المزيد من القسوة والدماء، ولكن هذا الغزو أثار رد فعل لم يكن بوتين يتوقعه وهو العزم الغربى ليس على وقف بوتين في أوكرانيا فحسب، بل على هزيمة فكره أيضًا، وهي عزيمة أشد شراسة من أي معركة تم خوضها منذ عام 2001، فالمعركة الحالية أهم من معركة 11 سبتمبر، ولهذا يجب ألا نكرر نفس الحماقات والأخطاء.


ترجمة: المصري اليوم

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …