الشرق اليوم – عقب سنوات من توتر العلاقات والجفاء الدبلوماسي بينهما، تستعد إسرائيل وتركيا لـ”فتح صفحة جديدة”، وتتجلى ملامح هذه المرحلة بزيارة الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتصوغ، إلى تركيا والتي بدأت يوم الأربعاء الماضي.
هرتصوغ في تركيا للمرة الأولى
وصل الرئيس إسحاق هرتصوغ، يوم الأربعاء الماضي، إلى العاصمة التركية أنقرة في زيارة رسمية تستغرق يومين، وكان في استقباله لدى وصوله إلى مطار أسن بوغا، الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، ومسؤولون آخرون.
وزيارة هرتصوغ هي الأولى لرئيس إسرائيلي إلى تركيا منذ 2007.
واستهل هرتصوغ، زيارته بالتوجه إلى ضريح مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، ومن ثم المجمع الرئاسي للقاء الرئيس، رجب طيب أردوغان.
وخلال مؤتمر صحفي عقده هرتصوغ، مع نظيره التركي أردوغان، في العاصمة أنقرة، أعلن الرئيس الإسرائيلي، أن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، سيزور إسرائيل في أبريل/نيسان المقبل.
وأوضح أن تشاووش أوغلو سيجري مع نظيره الإسرائيلي يائير لابيد، محادثات من شأنها أن تجعل مواصلة الحوار ممكنا، وشدد على ضرورة إقامة الحوار في كل مكان.
وقال هرتصوغ: “يمكن لإسرائيل وتركيا بل ينبغي عليهما الانخراط في تعاون من شأنه التأثير بشكل واضح على هذه المنطقة التي نسميها جميعا بيتنا”.
وأضاف: “هدفنا إرساء أسس تنمية العلاقات الودية بين بلدينا وشعبينا”.
وتابع هرتصوغ: “للأسف، مرت العلاقات بين بلدينا بفترة من الضيق في السنوات الأخيرة. أعتقد أن العلاقات بين الدول سيتم تقييمها من خلال الأفعال التي تعكس روح الاحترام المتبادل، وستمكننا من التغلب بشكل أفضل على التحديات الإقليمية والعالمية التي نتشاركها جميعا”. مشيرا إلى أن “هذه الزيارة مهمة للغاية في العلاقات بين البلدين وامتياز كبير لكلينا”.
وذكر أن العلاقات بين شعبي البلدين لها جذور تاريخية ودينية وثقافية قديمة جدا وقوية.
وبين أن قائمة من الشخصيات المميزة المكونة من العديد من الرجال والنساء اليهود، لاسيما القادة والحاخامات والشعراء والحكماء والتجار والنشطاء، ليسوا سوى جزء من تاريخ اليهود في تركيا.
وشكر هرتصوغ الرئيس أردوغان على دعوته له لزيارة بلاده والاجتماع الذي عقداه.
وقال: “زيارتي هذه استمرار للحوار والتواصل الجدير بالتقدير الذي بدأتموه منذ أن توليت الرئاسة”.
ولفت أن خلافات الماضي لا تختفي من تلقاء نفسها.
وتابع: “نحن شعبان وبلدان نختار الانطلاق في رحلة ثقة واحترام ستشمل حوارا متعمقا في كافة المجالات، ونختار التطلع معا إلى الأمام”.
وأردف: “علينا التوافق مسبقا على أنه لا يمكننا الاتفاق على كل شيء، وهذا أمر طبيعي في علاقة مثل علاقتنا ذات التاريخ الغني، وسنحاول حل الخلافات من خلال التطلع إلى المستقبل”.
وأضاف: “أؤمن بأننا جميعا مع المنتمين لكافة الأديان يمكننا، بل ينبغي علينا أن نعيش جنبًا إلى جنب في سلام في هذه المنطقة الجميلة”.
وأعرب عن تمنياته “في العمل معا لتحقيق الاستقرار والرفاه والسلام والأمن في المنطقة”.
وبين هرتصوغ أنه أجرى لقاءات مع قادة آخرين في المنطقة قبل اجتماعه مع أردوغان، مؤكدا أن الشراكة الجيدة وحسن الجوار مهمان للجميع.
وتطرق إلى التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، مشيرا إلى أنهم شاهدوا مرة أخرى مدى سوء الحروب في الأسابيع الأخيرة.
وأكد على أهمية بناء الجسور بين الدول والشعوب من أجل نظام عالمي مستقر.
وقال إن الحرب في أوكرانيا “كارثة إنسانية تسببت في الكثير من إراقة الدماء”.
بدوره قال أردوغان في مؤتمر صحفي عقب المحادثات إن تحسن العلاقات التركية الإسرائيلية مهم جدا لنشر الاستقرار والسلام في المنطقة، مضيفا أنه يعتقد أن “الزيارة التاريخية” للرئيس الإسرائيلي ستكون نقطة تحول جديدة في العلاقات بين الجانبين.
وأضاف أنه أبلغ هرتصوغ بأن لدى الجانبين القدرة والمعرفة للتعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والدفاع، مشيرا إلى زيارة “تحمل أهمية كبيرة” سيقوم بها وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي إلى إسرائيل.
وتابع أردوغان أنه أكد لنظيره الإسرائيلي على أهمية حل الدولتين، منوها إلى أن القضية الفلسطينية كانت من المواضيع الرئيسية في المحادثات.
كما قال إنه أبلغ هرتصوغ بأن لدى تركيا حساسية من السياسة الإسرائيلية تجاه فلسطين والوضع التاريخي والديني للقدس.
وفي الجانب الاقتصادي، ذكر الرئيس التركي أن حجم التبادل التجاري بين بلاده وإسرائيل سجل العام الماضي زيادة بنسبة 36% ليبلغ 8.5 مليار دولار، معربا عن ثقته في زيادة قيمته إلى 10 مليارات.
تركيا والتعاون مع إسرائيل في مجال الغاز الطبيعي
بدورها نقلت صحيفة “زمان” التركية عن مسؤولون حكوميون من تركيا وإسرائيل بأن أنقرة وتل أبيب مستعدتان للتعاون في مجال الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط.
ونقلت الصحيفة عن وزير الموارد الطبيعية التركي للطاقة، فاتح دونمز، قوله إن “تركيا يمكنها بسهولة نقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى أوروبا، لكن قد تكون هناك حاجة لخطوط أنابيب إضافية إذا نقلت كميات أكبر عند الحاجة”.
هرتصوغ طلب من نظيره التركي العمل ضد نشطاء “حماس”
من جانب آخر أفادت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية “كان” في تقرير بأن الرئيس الإسرائيلي، طلب من نظيره التركي، العمل ضد نشطاء حركة “حماس” على الأراضي التركية.
وقالت الهيئة، إن هرتصوغ طلب من أردوغان خلال اجتماعهما في قصره في أنقرة يوم الأربعاء العمل ضد نشطاء حركة “حماس” على الأراضي التركية، لافتة إلى أن “إسرائيل طرحت هذه القضية عدة مرات في الماضي”.
ونقلت الهيئة عن مسؤولين مطلعين على الموضوع أن هذا لم يكن شرطا لإجراء الزيارة.
وأضاف التقرير، أن أردوغان طلب خلال محادثته مع هرتصوغ، دفع مشروع أنبوب غاز البحر المتوسط الذي يهدف إلى نقل الغاز إلى أوروبا عن طريق تركيا.
وأفيد بأنه خلال الأيام الماضية اجتمع مسؤولون أتراك مع مسؤولين أمريكيين بهدف تسخيرهم لهذه الخطوة.
إسرائيل وتركيا تشكلان خلية أزمة
كذلك أفادت هيئة البث الإسرائيلية هيئة “مكان” بأن إسرائيل وتركيا اتفقتا على تشكيل خلية أزمة برئاسة مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية وكبير مستشاري الرئيس التركي.
وقالت إن “الحديث يدور عن إجراء مكالمة هاتفية فور نشوب أي أزمة وأن هذه الآلية أثبتت نجاعتها في قضية الإفراج عن الزوجين أوكنين اللذين كانا معتقلين في تركيا بتهمة التجسس”.
احتجاجات تركية ضد زيارة هرتصوغ
من جانب آخر شهدت تركيا مظاهرات ووقفات احتجاجية رافضة لزيارة الرئيس الإسرائيلي، حيث أحرق ناشطون أتراك أعلاما إسرائيلية معلقة في طريق المطار الذي هبطت فيه طائرة هرتصوغ بأنقرة ورفعوا بدلا منها أعلام فلسطين.
كما نظمت مؤسسات مجتمع مدني مظاهرات في أنقرة وإسطنبول ومحافظات تركية أخرى احتجاجا على الزيارة.