بقلم: حسين بن حمد الرقيب – صحيفة “الرياض”
الشرق اليوم – يبدو أن الاقتصاد العالمي دخل أزمة جديدة تداعياتها السلبية قد تستمر لسنوات عديدة، مستويات التضخم التي تأثرت بكوفيد 19 والفجوة التي حدثت نتيجة لذلك بين العرض والطلب ونقص سلاسل الإمداد وكلفة الشحن التي تضاعفت، هذه الأزمة كان بالإمكان السيطرة عليها وهنالك حلول مطروحة بدءا من تشديد السياسات النقدية مرورا بمعالجة بقية العوامل المؤثرة في التضخم، إلا أن الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا لن تكون آثارها عابرة بل سيعاني الاقتصاد العالمي منها وقد نصل إلى مرحلة من الركود أو حتى الانكماش، العقوبات التي فُرضت على روسيا من أميركا ودول الغرب واليابان وكوريا، لن تكون آثارها محصورة على الاقتصاد الروسي بل ستتأثر بها كل دول العالم وفي مقدمتها الدول الأوروبية، أميركا أصدرت قرارا بمنع الواردات النفطية من روسيا وبريطانيا، كذلك أعلنت أنها سوف تبدأ بخفض تدريجي حتى نهاية العام الحالي ما رفع أسعار النفط والغاز، روسيا ردت على هذه العقوبات بمنع صادرات السلع الأساسية، ويبدو أن العقوبات مستمرة لفترة طويلة.
المشهد السياسي نحو استمرار روسيا في حربها وليس هنالك بارقة أمل في التنازل من كلا المعسكرين، وهذا بالتأكيد سوف يعمق الأزمة الاقتصادية ويرفع التضخم إلى مستويات لا تستطيع اقتصاديات العالم تحمل تبعاته، أزمة غذاء متوقعة وتضخم في أسعاره سوف يعاني منها المستهلكون، مما قد يفوق حتى ضربة الوباء ويدفع ملايين آخرين إلى الجوع، تمثل روسيا وأوكرانيا معا جزءا ضخما من الإمدادات الزراعية في العالم، حيث تصدران الكثير من القمح والذرة وزيت عباد الشمس وغيرها من الأطعمة، الآن جفت الشحنات من كلا البلدين تقريبا، أسواق السلع الأساسية ترتفع، القمح ارتفع بنحو 50٪ في غضون أسبوعين ولمست الذرة أعلى مستوى لها، مما قد يرفع التكاليف في نهاية المطاف إلى التأثير على العملات في الأسواق الناشئة، حيث يمثل الغذاء حصة أكبر من سلال أسعار المستهلك، ويتوقع المحللون أن تستمر تدفقات الصادرات في التعطل لعدة أشهر، حتى لو انتهت الحرب، وقد أثرت الحرب بالفعل في إنتاج المحاصيل، المعادن ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة وهذه الارتفاعات لا شك أنها سوف تؤثر على تكلفة مدخلات الإنتاج الصناعي ولذلك قد يُحدِث ذلك تراجعا في كمية الإنتاج، الفيدرالي الأميركي في مواجهة أزمة قد تؤجل رفع أسعار الفائدة نظرا للمخاوف من توقف النمو الاقتصادي، دول الخليج قد تكون من أقل الدول تأثرا بالأزمة لأن مداخيل النفط بالأسعار الحالية سوف تحقق فوائض كبيرة في ميزانيتها، مع أنها سوف تعاني من مستويات التضخم التي تحد من قدرة المستهلك على الإنفاق وهذا سوف يكون تأثيره سلبي على قطاع الأعمال، ولكن أتوقع أن تتدخل الحكومات الخليجية بحزمة من الدعم للتخفيف من آثاره.