الرئيسية / مقالات رأي / عن انتهاك القانون الدولي

عن انتهاك القانون الدولي

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – مع بدء الحرب في أوكرانيا، كثر الحديث عن انتهاك القانون الدولي، وارتفعت في الدول الغربية أصوات تتحدث عن هذا الانتهاك من جانب روسيا وضرورة معاقبتها باعتبار أن ما قامت به يهدد الأمن والسلم الدوليين.

تستند هذه الاتهامات على مبرر أن روسيا انتهكت سيادة دولة أخرى، وأعلنت الحرب عليها بما يتناقض مع القواعد التي تنظم العلاقات بين الدول، وما استقر عليه الاتفاق في ميثاق الأمم المتحدة الذي يحدد شكل هذه العلاقة من خلال سلسلة من المعاهدات الدولية التي تعالج العديد من القضايا بما فيها قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، الذي يشمل القواعد والمبادئ التي تنظم وسائل وأساليب الحرب، فضلاً عن توفير الحماية الإنسانية للمدنيين والمقاتلين الجرحى والأسرى.

وإذا كانت سيادة الدولة هي حق مقدس، ويمثل جوهر البنية التقليدية في العلاقات الدولية وأساس الدول لممارسة علاقاتها الدولية وفقاً للقانون الدولي، وهو ما يشدد عليه أيضاً ميثاق الأمم المتحدة من خلال التأكيد على مبدأ المساواة في السيادة، إلا أن ما هو قائم من ممارسات من جانب الدول الكبرى يتناقض مع هذا المفهوم؛ إذ يتم التعاطي مع القانون الدولي بشكل انتقائي واستنسابي ووفقاً لمصلحة الدولة التي تمتلك القوة والقادرة على تجاوز كل مضامين السيادة والقانون الدولي؛ بحيث تجعلهما مجرد نصوص على ورق.

لو افترضنا أن روسيا تنتهك القانون الدولي فعلاً، على الرغم مما قدمته من مبررات تتعلق بحماية أمنها القومي، وتجاهل الدول الغربية لمطالبها، فإن هذه الدول هي أيضاً انتهكت وتنتهك القانون الدولي وسيادة الدول الأخرى؛ بل تقف صامتة إزاء انتهاكات دول أخرى للقانون الدولي إذا كانت دول صديقة أو حليفة؛ حيث يسقط مبدأ المساواة في السيادة.

ولنا هنا أن نتساءل، أين كان القانون الدولي ومبدأ السيادة عندما قامت الولايات المتحدة بغزو العراق واحتلاله عام 1993، وتدمير بنيته التحتية وقتل أكثر من مليون عراقي، وزرع الإرهاب في المنطقة العربية من دون مسوغ قانوني، ومن دون تفويض دولي، وتحت ذرائع كاذبة ومضللة؟ ولماذا تم غزو أفغانستان وإشعال حرب فيها دامت عشرين عاماً؟ وقبل ذلك لماذا كانت الحرب الفيتنامية؟ ثم لماذا محاولة غزو كوبا وفرض الحصار عليها والذي ما زال قائماً حتى الآن؟ ولماذا محاصرة فنزويلا وفرض عقوبات عليها، وعلى غيرها؟ ولماذا سلسلة الانقلابات التي استهدفت العديد من دول أمريكا اللاتينية لمجرد أن أنظمتها لا تروق للإدارات الأمريكية المتعاقبة؟ وهناك مئات الأمثلة المشابهة لا مجال لذكرها.

الحقيقة، أن انتهاك القانون الدولي ليس حكراً على روسيا التي تحدثت عن مبرراتها، إنما هناك دول لا تشعر بأنها ملزمة بمراعاة القواعد في علاقاتها الدولية، وترى أن من حقها أن تمارس قوانينها الخاصة وفقاً لمصالحها مهما كانت مبرراتها واهية أو مضللة.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …