الشرق اليوم- مع تصاعد الحرب الأوكرانية واتخاذها مساراً خطيراً قد يؤدي إلى صدام عسكري روسي- غربي واسع النطاق، ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات غربية تدعو إلى وساطة صينية لوقف التصعيد ووضع الأزمة على سكة الحل، نظراً للعلاقات المميزة بين بكين وموسكو، بعد فشل الوساطات الغربية، وخصوصاً من جانب فرنسا وألمانيا، وهما طرفان متورطان في الحرب، وبالتالي فإن الوساطة تكون أجدى وأنفع من جانب طرف غير متورط فيها، ولديه قدرة سياسية على التأثير، ولعل الصين هي الطرف المؤهل لهذا الدور.
مفوض السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل دعا الصين للتوسط في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا “لأن الدول الغربية لا يمكنها لعب مثل هذا الدور”، وقال “ما من بديل.. يجب أن تكون الصين..أنا متأكد من الأمر”. من جهته قال وزير الخارجية الأسترالي رالي سكوت موريسون: إن على الصين أن تنضم إلى الجهود المبذولة لوقف الحرب، وقال “..لن يكون لأية دولة تأثير أكبر من الصين في إنهاء هذه الحرب”. والدعوة صدرت أيضاً من جانب أوكرانيا التي ذكرت أنها لها اتصالات مع بكين بشأن وساطتها لوقف الحرب.
لم تتأخر الصين في الرد على هذه الدعوات من خلال وزير الخارجية وانج بي الذي أكد في مؤتمر صحفي عقده أمس الأول، على هامش الدورة الخامسة للمجلس الوطني ال 13 لنواب الشعب الصيني، أن بلاده مستعدة للعب دور الوسيط في الحرب الدائرة الآن على الأراضي الأوكرانية، لكنه أشار إلى أهمية عدم العودة إلى “الحرب الباردة”، مؤكداً ضرورة العمل معاً “لتجاوز هذه الأوقات الصعبة، وأن تعددية الأقطاب أساس للوفاء بالالتزامات الدولية”، وقال إن “إدارة العالم يجب أن تدار بشكل منصف”، في إشارة إلى إصرار الولايات المتحدة على أن تتربع منفردة على قمة النظام العالمي من دون الأخذ في الاعتبار وجود قوى عالمية أخرى مثل بكين وموسكو قادرة على المشاركة في هذا النظام.
صحيح أن بكين كانت أعلنت أنها تحترم وحدة أراضي الدول وسيادتها بما فيها أوكرانيا، لكنها أكدت من جهة أخرى أنه ينبغي التعامل بشكل مناسب مع مخاوف روسيا بشأن توسع حلف الأطلسي شرقاً، أي أن أية وساطة صينية ناجحة يجب أن تأخذ المخاوف الروسية بعين الاعتبار، وكذلك الاقتناع بأن الأحادية القطبية لم تعد تصلح لإدارة العالم، بل سوف تؤدي إلى مزيد من الصراعات والأزمات والحروب.
وكان لافتاً أن وزير الخارجية الصيني أكد أن العلاقات الصينية – الروسية “تقوم على أسس الديناميكية بين الدولتين، وهي متينة كالصخر”، وأن “تعاوننا يقدم مصلحة البلدين ويسهم في إرساء الاستقرار والتنمية في العالم، ولدينا شراكة استراتيجي، وعلاقاتنا هي الأكثر أهمية على صعيد العلاقات الثنائية”.
واضح أن الوساطة الصينية، إن تمت، فهي تقوم على أساس شروط محددة وواضحة من دون أن تكون على حساب روسيا.