الرئيسية / مقالات رأي / The Wall Street Journal: الخطآن اللذان تسببا في حرب أوكرانيا

The Wall Street Journal: الخطآن اللذان تسببا في حرب أوكرانيا

بقلم: تونكو فاراداراجان

الشرق اليوم- قال المؤرخ المخضرم المختص بتاريخ روسيا “روبرت سيرفيس” الذي تنبأ في 2021 بحرب روسيا على أوكرانيا يقول فيها: إن هناك خطأين تسببا في ذلك، وإن الحرب مأساة لأوكرانيا وروسيا معا، ودعا إلى عزل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من السلطة.

يقول سيرفيس إن حرب روسيا على أوكرانيا نتجت عن خطأين إستراتيجيين فادحين، جاء الأول في 10 نوفمبر/تشرين الثاني عندما وقعت الولايات المتحدة وأوكرانيا ميثاق الشراكة الإستراتيجية، والذي أكد دعم أمريكا حق كييف في متابعة العضوية في منظمة حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO).

وأوضح أن هذه الاتفاقية جعلت من المحتمل أكثر من أي وقت مضى أن تنضم أوكرانيا في نهاية المطاف إلى الناتو، وهو احتمال لا يطاق بالنسبة لبوتين، ويصف سيرفيس هذه الاتفاقية بأنها “كانت القشة الأخيرة”، إذ بدأت بعدها استعدادات فورية لحرب روسيا على أوكرانيا.

سوء إدارة مخجل

كذلك وصف سيرفيس هذه الاتفاقية بأنها سوء إدارة مخجل من قبل الغرب، الأمر الذي قدم تشجيعا لأوكرانيا في ما يتعلق بمسألة الناتو، ولم يتم تقديم أي شيء للأوكرانيين للاستعداد لرد فعل روسيا.

ويشير سيرفيس إلى أن أوكرانيا واحدة من النقاط الساخنة في “العالم العقلي” لفلاديمير بوتين، وقد عرف الغرب أنه منذ عام 2007 على الأقل عندما ألقى بوتين خطابا في مؤتمر ميونخ حول السياسة الأمنية، إذ كان خطابا غاضبا من فكرة انضمام أوكرانيا إلى الناتو، وهي الفكرة التي وصفها بوتين في 2012 بأنها غير قابلة للتفاوض.

وكان سيرفيس قد كتب في يوليو/تموز 2021 مقالا توقع فيه الحرب، ويلخص الأمر بالقول “الأوكرانيون والروس شعب واحد، لقد قال بوتين ذلك مرات عديدة من قبل، لكن ليس بغضب وبقوة وعاطفية مثل الآن”.

بوتين يحتقر الغرب

والخطأ الإستراتيجي الثاني -وفقا لسيرفيس- كان استهانة بوتين بمنافسيه، فهو يحتقر الغرب ويراه منحطا وفوضويا سياسيا وثقافيا، وأن قادته كانوا “من ذوي النوعية الرديئة وعديمي الخبرة مقارنة به”.

ووفقا لتقديرات بوتين، كانت الحرب بمثابة “مهمة سهلة” ليس فقط في ما يتعلق بأوكرانيا ولكن بالغرب أيضا، لقد أمضى 4 سنوات متفوقا على دونالد ترامب، وكان يعتقد أن تقاعد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ترك الغرب بلا دفة، وأدى ذلك إلى تهيئة المشهد “للمفاجأة التي حصل عليها عندما شن حربا على أوكرانيا، عندما وجد أنه قد وحد الغرب عن غير قصد، وأن ما فعله كان عكس ما أراد”.

ويصف سيرفيس الرئيس الروسي بأنه متهور ومتوسط ​​المستوى، وسخر من فكرة أنه يتمتع بنوع من العبقرية، خاصة أنه قلل من تقدير الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي التقى به في باريس في ديسمبر/كانون الأول 2019 بعد 6 أشهر من تولي الأخير منصبه، وقال إنه بعد أن قسى بوتين كالمعتاد في مناقشاته على زيلينسكي خرج الأخير وهو “يرتعش” بشكل واضح.

معادٍ للشيوعية

ويقول سيرفيس إن المفتاح لفهم بوتين هو إيمانه الراسخ بأن روسيا “قوة عالمية عظمى”، وأن مجال نفوذها يجب أن يمتد إلى أكبر عدد ممكن من الجمهوريات السوفياتية السابقة، ولا توجد من بين هذه الجمهوريات ما هي أهم من أوكرانيا.

ويصف المؤرخ بوتين بأنه ليس شيوعيا، بل معاديا للشيوعية، ويعتبر أن الفترة السوفياتية بمثابة “قطيعة” مع الطريق إلى العظمة الذي كان ينبغي لروسيا أن تسلكه.

ويؤمن بوتين بـ”روسيا الخالدة” وينظر إلى لينين بـ”سخرية وكراهية” لأنه أوقف التوسع الروسي، فيما قد يقول “أحيانا أشياء ممتعة عن ستالين، ولم يقل أبدا أي شيء إيجابي عن لينين، كما أنه يحتقر الديمقراطية، ويؤمن بحق القيادة في فرض سلطة الدولة على المجتمع، ومن وجهة نظر بوتين هذا مفيد للمواطنين لأنه يجلب الاستقرار والقدرة على التنبؤ في حياتهم، كما يؤمن بأهمية الشرطة السرية كعنصر مساعد للحكومة”.

ومع استمرار حرب روسيا على أوكرانيا في أسبوعها الثاني لم يخفِ سيرفيس تشاؤمه، ويقول إن الوضع يمضي نحو حرب طويلة الأمد ستنتهي بإخضاع أوكرانيا “بوتين سينتصر في الحرب بعد أن يدمر أوكرانيا وشعبها، لكنه لن يفوز بالسلام، إن مهمة تهدئة الأوكرانيين تتجاوز الروس، هناك الكثير من الغضب الذي تم إطلاقه في أوكرانيا”.

الحل في عزل بوتين

ويقول سيرفيس إنه يجب عزل بوتين من السلطة، هذه هي الطريقة الوحيدة لإنهاء عذاب أوكرانيا وروسيا، مشيرا إلى أن ذلك يمكن أن يتم بـ”انقلاب قصر” والذي يبدو في الوقت الحالي “غير محتمل للغاية” لكنه يمكن أن يصبح مقبولا، أو بانتفاضة جماهيرية بمظاهرات الشوارع نتيجة الضائقة الاقتصادية التي فرضتها الحرب والعقوبات الغربية.

ويوضح سيرفيس أنه كلما طالت الحرب زاد احتمال أن ترى روسيا حركات احتجاجية يصعب احتواؤها، خاصة إذا كان لدى الشرطة نفسها عناصر في صفوفها تتعاطف مع الأشخاص الذين يُفترض أن تقوم بقمعهم.

ويختم سيرفيس بأن حرب روسيا على أوكرانيا ليست مأساة لأوكرانيا وحدها، إنها مأساة لروسيا أيضا، والشعب الروسي لا يستحق حاكما مثل بوتين “لم يحالفهم الحظ كثيرا مع حكامهم خلال الـ150 عاما الماضية، في الواقع، لقد كان حظهم مروعا”.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …