بقلم: لورا تايسون وليني ميندونكا – صحيفة “البيان”
الشرق اليوم – يتعرض الحق في التصويت للهجوم في جميع أنحاء الولايات المتحدة. يُعد هذا الحق أساس الديمقراطية، والديمقراطية ضرورة أساسية للحفاظ على الثقة وسيادة القانون التي يعتمد عليها الاقتصاد الأمريكي.
يجب النظر في القضايا الحاسمة. لقد نجح النموذج الأمريكي لرأسمالية السوق مؤخراً في خلق فرص ونتائج أكثر إنصافاً بالنسبة للأمريكيين. في الواقع، كان الانتعاش من الركود الناجم عن انتشار فيروس كوفيد 19 قوياً، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي القوي، وخلق فرص العمل، وزيادة معدل الأجور، خاصة بالنسبة لأدنى 50%. تُعتبر الميزانيات العمومية للأسر والشركات مُفيدة نسبياً، وقد تم إنشاء عدد قياسي من الشركات الجديدة في عام 2021.
وفي حين يفوض الدستور الأمريكي للولايات سلطة الإشراف على الانتخابات الفيدرالية، فإن الكونغرس يحتفظ بسلطة قانونية فيما يتعلق بحقوق التصويت، كما تتمتع المحاكم الأمريكية بالسلطة لضمان احترام الحق الدستوري لكل مواطن، بغض النظر عن مكان إقامته. ومع ذلك، اتبعت المحكمة العليا بشكل متزايد نهج «عدم التدخل» في التعامل مع هذه القضية، وقد عجز الكونغرس عن ضمان الحماية الكافية لحقوق التصويت بسبب المعارضة الجمهورية بالإجماع.
لقد اعتبر الجمهوريون في العديد من الولايات هذا التراخي بمثابة دعوة إلى إصدار وتمرير قوانين جديدة لقمع الناخبين. وفي عام 2021، شهدنا أكثر الجهود تنسيقاً وجُرأة لإلغاء حقوق التصويت منذ عهد جيم كرو المُشين، والذي تميز بالتفرقة العنصرية التي فرضتها الدولة.
وكما هو الحال في عصر جيم كرو، يُعد العرق مرة أخرى دافعاً قوياً. وفي ظل قرار مقاطعة شيلبي كاونتي ضد هولدر لعام 2013، أوضح آدم ليبتاك من صحيفة نيويورك تايمز أن المحكمة العليا «ألغت بالفعل قسماً رئيسياً من قانون حقوق التصويت لعام 1965 بأغلبية 5 إلى 4 أصوات، مما أدى إلى تحرير تسع ولايات، معظمها في الجنوب، من تغيير قوانينها الانتخابية دون موافقة فيدرالية مُسبقة». وبعد ذلك، في عام 2021، في قضية برنوفيتش ضد اللجنة الوطنية الديمقراطية، أضعفت المحكمة تدابير حماية حق التصويت بشكل متزايد، الأمر الذي دفع القاضية إيلينا كاجان إلى الإعراب عن أسفها والاستياء من حقيقة أن الأغلبية «لم تُعامل أي قانون على نحو أسوأ» من قانون حقوق التصويت.
وفي أعقاب اقتحام أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب لمبنى الكابيتول الأمريكي في السادس من يناير 2021، وجهود ترامب العديدة الفاشلة لقلب نتائج انتخابات عام 2020 مع نشر أكاذيب حول تزوير الانتخابات، أقر مجلس النواب الأمريكي مشروعي قانون. من شأن قانون «من أجل الشعب» وقانون «النهوض بحقوق التصويت» لجون لويس «حماية الحق في التصويت وتوسيع نطاقه لجعل انتخاباتنا أكثر سهولة وأمناً ونزاهة وفقاً للمعايير الوطنية التي يتبناها جميع الناخبين». ومن شأن مشاريع القوانين هذه أن تُوفر ضمانات مهمة لحقوق التصويت، مثل التسجيل التلقائي للناخبين، وتوسيع نطاق التصويت الغيابي والمُبكر، وحظر عمليات تطهير قوائم الناخبين، وإعادة حق الانتخاب إلى المجرمين الذين أتموا مدة عقوباتهم.
وبعد عام من الجهود الرامية إلى حشد الدعم لمشاريع القوانين هذه، تم حظر كليهما في مجلس الشيوخ، نظراً لرفض عضوي مجلس الشيوخ الديمقراطيين جو مانشين وكيرستين سينيما إعادة النظر في هذه المشاريع، وهي قاعدة إجرائية لمجلس الشيوخ غير واردة في الدستور، وقد تمت مراجعة هذه القاعدة أكثر من 160 مرة في الماضي.
ومن ناحية أخرى، قدم المشرعون الجمهوريون في 49 ولاية في عام 2021 أكثر من 400 مشروع قانون مع أحكام لتقييد الحق في التصويت، تم تمرير 33 منها بحلول نهاية العام. تهدف معظم هذه القوانين إلى إلغاء التدابير التي نجحت في توسيع نطاق فرص وصول الناخبين إلى صناديق الاقتراع في عام 2020، مثل التصويت المُبكر والاقتراع عبر البريد.
تم تطبيق ما لا يقل عن 152 من مشاريع القوانين التي تم طرحها في عام 2021 إلى هذا العام، مع النظر في اتخاذ تدابير إضافية مناهضة للديمقراطية من جانب الولايات الجنوبية الرئيسية والمُتأرجحة. كانت الضغوط الرامية إلى تقييد الحق في التصويت أعنف في الولايات التي تضم أسرع الأقليات السكانية نمواً، وفي الولايات التي توجهت نحو الديمقراطيين في عام 2020، أو التي قد تفعل ذلك قريباً.
وعلى النقيض من ذلك، تمضي العديد من الدول التي يسيطر عليها الديمقراطيون قدماً نحو تعزيز حقوق التصويت. وفي عام 2021، قامت 27 ولاية بسن تشريعات لزيادة وتحسين التصويت عبر البريد، كما عملت 18 ولاية على تنفيذ تدابير لتعزيز تسجيل الناخبين، وأنشأت 15 ولاية، أو وسّعت نطاق التصويت المُبكر الشخصي، أو حسنت فرصه.
ووفقاً لمركز بيو الأمريكي للأبحاث، يعتقد معظم الأمريكيين (57%) أن التصويت «حق أساسي لكل مواطن أمريكي بالغ ولا ينبغي تقييده بأي شكل من الأشكال»، في حين يرى 42% من الذين شملهم الاستطلاع أن «التصويت امتياز يأتي مع مسؤوليات ويمكن تقييده إذا لم يستوفِ المواطنون الأمريكيون البالغون شروطاً مُعينة». وكما هو الحال مع معظم القضايا، هناك اختلافات حزبية كبيرة: يقول 78% من الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية إن التصويت حق أساسي، مقارنة بنسبة 32% فقط من الجمهوريين والمستقلين ذوي الميول الجمهورية.
وفي استطلاع آخر للرأي، يعتقد 56% من الأمريكيين أن توسيع قدرة الناخبين للوصول إلى صناديق الاقتراع أكثر أهمية من منع التزوير المُفترض للانتخابات. مرة أخرى، هناك اختلافات حزبية واضحة: يقول ما يقرب من 90% من الديمقراطيين إن وصول ومشاركة الناخبين أكثر أهمية، بينما يعتقد 75% من الجمهوريين أن الحد من التلاعب بأصوات الناخبين يُعد أكثر أهمية.
ومع ذلك، تكشف استطلاعات الرأي أيضاً أن غالبية الأمريكيين لا يعتبرون حقوق التصويت أولوية قصوى. يرى حوالي ثلثي الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع أن الولايات المتحدة تسير في الاتجاه الخاطئ، وأن الحالة العامة للاقتصاد الأمريكي سيئة، وأن القضايا الاقتصادية يجب أن تكون على رأس أولويات السياسة. تُواجه الديمقراطية الأمريكية أكبر أزمة لها منذ الحرب الأهلية، ويعجز المواطنون الأمريكيون، الذين يُركزون على الاقتصاد، عن فهم الارتباط بين السياسة والاقتصاد.