بقلم: جيفري كمب – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم- تُجرى انتخابات التجديد النصفي الأمريكية في الثامن من نوفمبر، أي بعد حوالي ثمانية أشهر من الآن.
وتدور حملة الحزبين “الديمقراطي” و”الجمهوري” على قدم وساق. وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن “الجمهوريين” سيسيطرون على مجلس النواب، لكن السباق للسيطرة على مجلس الشيوخ محتدم لدرجة يصعب معها التنبؤ بنتيجة السباق. ومن المعتاد أن يخسر الحزب الحاكم مقاعد في أول انتخابات تجديد نصفي.
لكن العام الجاري يفرض تحديات فريدة من نوعها لكلا الحزبين. “الديمقراطيون” يسيطرون حالياً على الكونجرس والبيت الأبيض، لذا يمكن تحميلهم مسؤولية إدارة البلاد منذ يناير 2021. وهذا يعني مساءلتَهم عن التعامل مع جائحة “كوفيد-19″، بما في ذلك إلزام الأشخاص بوضع الكمامات، في المدارس بخاصة، وعن طريقة إدارتهم للاقتصاد والاضطرابات المحلية، في المدن الكبيرة بخاصة، وعن الهجرة، وغيرها من التحديات الرئيسية للأمن القومي والسياسة الخارجية.
وفي كل هذه القضايا هناك انتقادات قوية حول كيفية معالجتهم السياسية. ومن المثير للقلق بشكل خاص لكثير من الأمريكيين، الرسائل المتضاربة التي نقلتها الإدارة حول كيفية التعامل مع الجائحة وتأثير ارتفاع التضخم على كلفة المعيشة اليومية.
ومشكلة الهجرة غير الشرعية التي لم يتم حلها، هي أيضاً تثير قلقَ كثيرين من الأمريكيين. ويعتقد الجمهوريون أن الديمقراطيين محل طعن في عدد من القضايا الاجتماعية، وخاصة تلك المتعلقة بالمناهج المدرسية والادعاء بأن الشباب الأمريكي يتم تعليمهم كراهيةَ تاريخ بلادهم.
وتعرّض بايدن لانتقادات واسعة بسبب انسحابه المفاجئ من أفغانستان والفوضى والعنف اللذين أعقبا ذلك، مع تمكن “طالبان” من الإطاحة السهلة بالحكومة الأفغانية بقيادة أشرف غاني. صحيح أن معظم الأمريكيين أسعدهم خروج بلادهم من حرب لا تحظى بشعبية، لكنهم يعتقدون أن بايدن، بخبرته التي امتدت لعقود في السياسة الخارجية، كان عليه معالجة الأزمة بكفاءة أكبر.
والآن، تخضع إدارة بايدن لاختبار صعب في أوكرانيا. ومازال يتعين علينا الانتظار حتى نرى مدى ما سيطال الإدارة من ضرر في هذا الشأن بعد أن شنت روسيا هجومها لاجتياح أراضي أوكرانية. أما المشكلات التي تواجه الجمهوريين فمختلفة تماماً، فالتحدي الأكبر بالنسبة لهم يتعلق بالدور المهيمن الذي مازال الرئيس السابق دونالد ترامب يلعبه في سياسة الحزب. فقد أنفق ترامب الأشهر التالية لانتخابات نوفمبر 2020 في حملة شعواء زعم خلالها أنه الفائز الشرعي، وأن إعلان فوز بايدن لم يتم إلا بناءً على عمليات تزوير واسعة النطاق.
وهذا الاعتقاد هو ما جعله يدفع الأمور نحو الهجوم على الكونجرس الأمريكي في السادس من يناير 2021. وقد أدى ذلك إلى أعمال عنف مارسها متمردون من أجل “وقف السرقة” وإجبار الكونجرس على تغيير نتيجة الانتخابات لإبقاء ترامب في السلطة. وعلى الرغم من عدم وجود دليل على التزوير، تبنّى كثير من أعضاء الكونجرس وقطاع واسع من القاعدة السياسية المؤيدة للحزب هذا الزعم. ويجد الجمهوريون، نتيجةً لهذا، صعوبةً في كيفية معالجة هذه المشكلة.
وبينما يدرك كثير من الجمهوريين بطلان هذا الزعم، فإنهم ما زالوا يخشون مهاجمة ترامب لهم إذا عارضوا رغباته. ويعرف المرشحون في الانتخابات التمهيدية في الأشهر السابقة على نوفمبر أنه يمكن استبدالهم بمرشحين أكثر تأييداً لترامب يكونون بعد ذلك أكثر عرضة للهزيمة نظرا لآرائهم شديدة الشقاق. وهذا ما قد يحرم الجمهوريين من تحقيق الفوز، على الأقل في مجلس النواب.
ومادام ترامب يحظى بتأييد ساحق وسط القاعدة الجمهورية، فسيظل الرئيس السابق يمثل مشكلة للحزب. ويدرك السياسيون الجمهوريون الذين يطمحون إلى الفوز بترشيح الحزب في الانتخابات الرئاسية لعام 2024 أن طموحاتهم ستذهب أدراج الرياح ما لم يفقد ترامب شعبيته أو يعاني من مشكلات صحية. قال رئيس الوزراء البريطاني السابق، هارولد ويلسون، ذات يوم إن “أسبوعاً في السياسة هو وقت طويل”.
وفي الأشهر المقبلة، قد تمثل السيطرة على كوفيد-19، واستعادة الاقتصاد انتعاشه، وخفض التضخم.. أخباراً جيدة للديمقراطيين. لكن الركود العالمي الناجم عن التضخم ونشوب حرب في أوروبا.. قد تكون أنباء سيئة لبايدن وللزعماء الغربيين الآخرين الذين يريدون تمديد فترة بقائهم في السلطة.