الشرق اليوم اخباري تحليلي
مقالات مشابهة
بقلم: سليمان جودة – المصري اليوم
الشرق اليوم – الكلام العاقل الوحيد في موضوع أوكرانيا، هو الذي تكلم به بيرني ساندرز، عضو الكونجرس الأمريكي، أمام عدد من زملائه الأعضاء.. لكن أحدا في بلاده ولا في العالم لا يريد أن يسمعه، فضلا عن أن ينصت إليه، بينما الأزمة تتصاعد يوما بعد يوم!
وهو لم يفعل شيئا سوى أنه أعاد تذكير الأمريكيين، وفي المقدمة منهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، بما حدث ذات يوم من أيام ١٩٦٢ على أرض كوبا، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، واشتهر فيما بعد بأنه: أزمة خليج الخنازير!
كانت كوبا تدور في فلك الاتحاد السوفيتي الذي انهار لاحقا في ١٩٩١، وكان الرئيس السوفيتي، نيكيتا خروتشوف، قد قرر نصب صواريخ بلاده فوق الأراضي الكوبية، وما كاد هذا يحدث حتى قامت قيامة الرئيس الأمريكي جون كيندي، الذي رأى في وجود الصواريخ السوفيتية على أرض كوبا تهديدا مباشرا لأمن بلاده، وكادت حرب نووية تشتعل بين الطرفين، لولا أن خروتشوف آثر السلامة وسحب الصواريخ في الحال!
إن ساندرز عضو في مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت، ومرشح رئاسي سابق، وهو لا يستدعي هذه القصة على سبيل التسلية، لكنه يستدعيها ليعيد تذكير بلاده بأنها إذا لم تكن قد قبلت بوجود الصواريخ السوفيتية في كوبا، الواقعة على بعد ٩٠ ميلاً من الحدود الأمريكية، فكيف تتوقع أن يقبل الرئيس الروسي وجود صواريخ تابعة لأمريكا، أو لحلف شمال الأطلنطي، على أرض أوكرانيا ذات الحدود المباشرة مع بلاده؟!
ويعود عضو الكونجرس ليسأل الرئيس الأمريكي هذا السؤال: هل تقبل الولايات المتحدة اليوم أن تأتي دولة منافسة لها لتنصب صواريخها على أرض كوبا، أو على أرض المكسيك، أو على أرض أي دولة من دول أمريكا الوسطى أو أمريكا اللاتينية جنوب الولايات المتحدة؟!
هل يقبل البيت الأبيض بهذا؟!.. طبعا لن يقبله بنسبة مائة في المائة.. فإذا لم يكن يقبله اليوم، وإذا كان قد رفضه تماما في أزمة خليج الخنازير، فكيف يتوقع أن يقبل به بوتين الذي يرى في نفسه وريثا شرعيا للاتحاد السوفيتي، بل يرى نفسه وريثا لروسيا القيصرية السابقة على الاتحاد ذاته؟!
كلام يخاطب العقل بشكل مباشر، ولا ينحاز إلى طرف من الطرفين، ويظل أقرب إلى المنطق السليم منه إلى أي شيء آخر.. وإذا شئنا أن نقول عن بيرني ساندرز شيئا، فلن نجد أفضل من أن يقال عنه إنه العاقل الوحيد في الأزمة كلها!.. ولكن.. منذ متى كان للعقل مكان في هذا العالم؟!
