افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – في الأزمات الكبرى التي تشكل مفصلاً في العلاقات الدولية، وتُهدد السلام والأمن العالميين، تأخذ الجهود الدبلوماسية مداها وسط الألغام وطبول الحرب، لأن البديل سيكون كارثياً، الأمر الذي يجعل من الدبلوماسية مساراً وحيداً لتجنّب الكارثة التي تدركها كل القوى المنخرطة في الصراع، والتي تستخدم الحشد العسكري والتهديدات سلاحاً تريد منه تحقيق أهدافها من دون الضغط على الزناد.
لذلك، فإن وصف المحادثات الهاتفية الأخيرة التي استمرت ساعة وخمساً وأربعين دقيقة بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، بأنها «الفرصة الأخيرة» فيها مبالغة، لأن هناك جهداً يبذل للتوصل إلى حلول مقبولة، وحبل التواصل لم ينقطع بين الأطراف المعنية، لأن الجميع يدرك ما معنى ألا تكون هناك فرصة أخيرة.
من هذا المنطلق، فإن الزعيمين اتفقا على استمرار المحادثات «وإعطاء الأولوية لحل دبلوماسي للأزمة الحالية»، وأكد الإليزيه «إن العمل الدبلوماسي سينفذ في الأيام والأسابيع المقبلة»، وهو ما أكده أيضاً جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية الذي شدد على أن التركيز حالياً على «الوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة».
ورغم التوتر في إقليم دونباس، والتراشق المدفعي بين القوات الحكومية الأوكرانية والقوات المحلية في الإقليم، إلا أن ذلك يمكن لجمه بقرار من موسكو وكييف، إلا إذا كان الهدف هو المزيد من الضغط للحصول على مزيد من المكاسب في حال التوصل إلى حل.
من الواضح أن موسكو لا تريد غزو أوكرانيا رغم التحشيد العسكري حولها، وقد أكد الكرملين ذلك مراراً، ردّاً على الحملة الإعلامية الغربية التي كانت حددت ساعة الغزو قبل أيام، كما أن السفير الروسي في واشنطن، أناتولي أنطونوف، كان أكثر وضوحاً بقوله إن بلاده «لا تنوي شن أية عملية غزو لأوكرانيا، ولا نحاول على الإطلاق السيطرة على أراضي أية دولة أجنبية، وأود أن أؤكد أن دونباس ولوجانسك هما جزء من أوكرانيا»، ما يعني أن موسكو لا تنوي ضم الإقليم إلى أراضيها، إنما تطبيق اتفاقية مينسك التي تنص على منح الإقليم، بأغلبيته الروسية، حكماً ذاتياً.
فرصة الجهد الدبلوماسي لم تغلق، وهي ما زالت مفتوحة في كل الاتجاهات، وهناك اتفاق على عقد محادثات تضم مجموعة الاتصال الثلاثية: (روسيا وأوكرانيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية)، خلال الساعات المقبلة، بهدف وقف النار شرقي أوكرانيا، كما أن هناك اجتماعاً سيعقد بين وزيري خارجية روسيا وفرنسا، كذلك سيجري الرئيس الفرنسي ماكرون سلسلة اتصالات مع قادة الدول الأوروبية، والرئيس الأمريكي، كما يجري ترتيب قمة بين الرئيسين بوتين وبايدن، وفقاً لاقتراح الرئيس الفرنسي، على أن يتم توسيعها لاحقاً لتشمل «جميع الأطراف المعنيين» لبحث مسألة الأمن والاستقرار الاستراتيجي في أوروبا، وفقاً لبيان الرئاسة الفرنسية. وقد أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين باسكي، أن الرئيس بايدن «وافق من حيث المبدأ على لقاء مع الرئيس بوتين إن لم يحدث الغزو».
إذاً، فرصة الحل مفتوحة لأن لا بديل عن ذلك.