الرئيسية / مقالات رأي / أجواء الحرب

أجواء الحرب

بقلم: فيصل عابدون – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – يستبعد الكثير من المحللين وخبراء السياسة أن تنقلب الأزمة الحالية في أوكرانيا إلى حرب شاملة بين الغرب وروسيا، ومنطقهم في ذلك أن الدول التي تخوض الصراع الحالي تمتلك ترسانات من الأسلحة النووية والأسلحة التدميرية الفتاكة الأخرى، وأنه لم يحدث في التاريخ الحديث المخاطرة بخوض حرب يمكن أن تهدد مستقبل العالم برمته.

ويتوقع خبراء آخرون في الجانب الآخر، اندلاع الحرب كنتيجة لعمليات التحشيد والاستقطاب الهائلة الجارية حالياً. لكنهم يقفون عاجزين أمام الأسئلة اللاحقة حول طبيعة تلك الحرب المحتملة ونطاقها الجغرافي، وهل ستكون حرباً تقليدية محدودة، أم أن أصابع القادة قد تمتد إلى مفاتيح الأسلحة الرهيبة عن طريق الصدفة، أو الغضب، أو الخوف من هزيمة وشيكة محتملة؟

وبين هؤلاء وأولئك، يبقى العالم أسيراً للهواجس وكوابيس الحرب، بينما تتراجع في ظل الهستيريا الجارفة أهمية كل الأزمات الأخرى. فالواقع الحالي يقول إن أجواء الحرب المظلمة باتت تخيّم على العالم بأسره. وعلى الرغم من أن الزعماء، في واشنطن وموسكو وبروكسل، ما فتئوا يتحدثون عن المسارات الدبلوماسية، إلا أنهم في الوقت نفسه يستمرون في قرع طبول الحرب.

ويبدو الأمر في بعض جوانبه أشبه بالفترة التي شهدت ظهور وباء «كورونا» للمرة الأولى في الصين. وكان العالم حينها يشعر بنوع من الطمأنينة والأمان. ثم انتقل الوباء فجأة إلى إيطاليا، ثم إلى نيويورك، قبل أن ينتشر في بقية الدول، ويصبح حديث الجميع، لتختفي تحت ظلاله الكالحة كل القضايا الأخرى.

لقد انطلق حديث الحرب للمرة الأولى من العاصمة الأمريكية. وظل قادة الولايات المتحدة يكرّرون الحديث عن غزو روسي وشيك لأراضي أوكرانيا. ودأب قادة الكرملين على نفي اتهامات نوايا الغزو، مع تقديم تبريرات تطمينية لحشودهم العسكرية على حدود أوكرانيا.

والتطور التالي كان دخول قادة أوروبا و«الناتو» إلى الملعب المتحرك، بالتزامن مع تطور الموقف الروسي الذي طالب بضمانات أمنية مقابل تفكيك وجودها العسكري على حدود أوكرانيا، وكانت هذه الخطوة اعترافاً ضمنياً بنوايا الغزو، وتأكيداً للاتهامات الأمريكية والغربية، لكن روسيا لم تبال بذلك، وربما اعتبرتها فرصة للضغط وتحقيق مكاسب، أو ربما كانت بالفعل تخطط للحرب.

وجاءت التطورات اللاحقة على شكل تعزيزات عسكرية غربية للدول الحليفة على حدود أوكرانيا. وحشدت روسيا المزيد من قواتها في روسيا البيضاء، ثم بدأت استفزازات في المناطق الانفصالية، والقصف المدفعي المتبادل، الأمر الذي جعل حديث الحرب أكثر واقعية .

إن السؤال حول النطاق المحتمل للحرب يبقى سؤالاً جوهرياً للعديد من الشعوب حول العالم. فإذا كانت الحرب التي يتحدثون عنها محدودة في نطاق الجمهورية السوفييتية السابقة فلن يكون ذلك أمراً ذا أهمية للشعوب البعيدة عن هذه المنطقة الجغرافية. ولكن إذا تدخلت أطراف عدة في هذه الحرب، فهناك احتمال شنّ هجمات متبادلة على المنشآت العسكرية والمصالح الاقتصادية المنتشرة في أنحاء العالم. ما يعني أن دولاً وشعوباً عدة، ستكون على خط النار، رغم بعدها الجغرافي عن منطقة الحرب الأصلية.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …