بقلم: سانتوش شارما باودل
الشرق اليوم- ألقى رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، خطاباً خلال تجمّع انتخابي في الولاية الهندية الشمالية “أوتارانتشال” في 30 ديسمبر، فقال إن الهند بَنَت طريقاً يمرّ بـ”ليبولاخ” ويصل إلى “ماناس خاند” التي تُعتبر بوابة “مانساروفار” (موقع حج هندوسي في التِبَت)، وهي تعمل على توسيعه، فذلك الخطاب يهدف إلى استمالة الناخبين الهندوس في “أوتارانتشال”، لكنه أثار ضجة في نيبال لأن الطريق الذي تكلم عنه يمرّ بأرض “ليبولاخ” التي تطالب بها نيبال.
غداة الاحتجاجات في نيبال أصدرت السفارة الهندية في كاتماندو بياناً صحافياً مقتضباً في 15 ديسمبر ذكرت فيه أن موقف الهند من النزاع على الحدود “ثابت وواضح” وأن نيودلهي تعتبر “الآليات والقنوات القائمة بين الحكومتَين أفضل طريقة للتواصل والحوار”، وردّت خارجية نيبال ببيان صحافي في 17 يناير، فأعادت التأكيد على مطالبة نيبال بمناطق “ليمبيادورا” و”ليبولاخ” و”كالاباني”، ودعت الهند إلى وقف بناء المشاريع في تلك الأراضي بشكلٍ أحادي الجانب، لكنها كررت في الوقت نفسه التزام نيبال بحل الأزمة دبلوماسياً، في إطار العلاقات الودية مع الهند.
وأصدر أمينا الكونغرس النيبالي، غاغان ثابا وبيشوا براكاش شارما، بياناً مشتركاً في 14 يناير اعتبرا فيه التحرك الهندي مرفوضاً ودعوا الهند إلى وقف أعمال البناء، وانضم قادة آخرون إلى هذه الدعوات أيضاً، فحثّ شركاء الائتلاف الحاكم في الكونغرس النيبالي الحكومة على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أرضهم.
قد يكون إصرار الهند على استعمال الآليات المعمول بها بين الحكومتَين إشارة على أهمية استمرار الاجتماعات بين الأمناء المكلّفين بمعالجة الخلاف على الحدود، كما يطرح هذا النزاع الحدودي مشكلة سياسية بين الدولتين ولا يمكن حلّها عبر تنظيم نقاشات بين الأمناء، كذلك رفض مودي تلقي التقرير النهائي الذي أعدّته “مجموعة الشخصيات البارزة” المؤلفة من خبراء عيّنهم البلدان، فالوضع الراهن يصبّ في مصلحة الهند لأن الأرض المتنازع عليها تخضع لسيطرتها بحكم الأمر الواقع.
في المقابل امتنعت نيبال عن بذل أي جهود دبلوماسية جدّية للتواصل مع الهند وحل النزاع على الأراضي غداة التعديل الدستوري الذي يقضي بضم تلك المساحات إلى خريطة البلد، ونتيجةً لذلك بقي الوضع على حاله ميدانياً، وعجزت نيبال عن الوصول إلى تلك المناطق لإجراء إحصاء رسمي للسكان يحصل مرة كل عشر سنوات لأن الهند رفضت هذا الطلب.
كانت المواقف الدبلوماسية التي أطلقتها نيبال قبل التعديل الدستوري في 2020 وبعده تستهدف الرأي العام المحلي وتستغل المشاعر القومية المعادية للهند داخلياً، حيث تتطرق الأحزاب السياسية إلى مسألة الحدود دوماً لكنها تفشل في اتخاذ خطوات ملموسة لتسوية المشكلة حين تصل إلى السلطة، ولا تختلف الأحداث الراهنة عن هذا النمط على الأرجح، ويتطلع “الحزب الشيوعي النيبالي الماركسي اللينيني الموحّد” المعارض إلى الانتخابات المرتقبة، لذا يبالغ في انتقاد جمود الحكومة في هذا الملف.
يُعد هذا النزاع الحدودي نقطة خلافية في علاقات الهند ونيبال، لكن الأحداث الراهنة تبقى مجرّد مصدر إزعاج عابر، فقد سبق أن تجاوزت هذه العلاقة الثنائية اضطرابات أكثر عمقاً في الماضي، من دون أن يتأثر مسار الأعمال الاعتيادية بين البلدين، لكن مصدر خطر محتمل على المدى الطويل يتعلق بتصاعد النزعة القومية المعادية للهند في نيبال، فإذا اتخذت آراء الناس منحىً متشدداً بسبب النزاعات الحدودية، فقد يجد قادة نيبال صعوبة متزايدة في استعمال الطرق الدبلوماسية المنطقية مع الهند، حيث ستبدأ الكارثة الحقيقية في تلك المرحلة.