الشرق اليوم – نحو مساعٍ جادة لمزيد من التنسيق بين دول الشرق الأوسط في إطار رسم سياسة جديدة لمستقبل هذه المنطقة المشتعلة على الدوام، وبعد انقطاع دام نحو 6 سنوات، في العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، بدأت كل من البلدين بالتمهيد للدخول في مفاوضات حديثة، ورغم أن البطء يسيطر على طابع سير هذه المفاوضات، إلا أن حدتها اشتدت خلال الفترة الماضية، وخاصة أن الأحداث تتجه بوصلتها نحو المفاوضات النووية، والتصعيد في الساحة اليمنية، وكل لها ارتباطها المباشر بإيران.
أسباب القطيعة بين البلدين
تعتبر السعودية وإيران أكبر قوتين متنافستين في المنطقة، وثمة توتر كبير بين الطرفين في ظل خلافات حادة متعددة، خاصة الحرب في اليمن وهجمات 2 يناير 2016، على سفارة الرياض لدى طهران والقنصلية السعودية في مشهد بعد تنفيذ سلطات المملكة حكم الإعدام بحق 47 شخصا في قضايا إرهاب ومن ضمنهم رجل الدين الشيعي البارز، نمر باقر النمر.
وتتهم دول خليجية ومن ضمنها السعودية، إيران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها العراق واليمن ولبنان وسوريا، وهو ما تنفيه طهران، وتقول إنها تلتزم بعلاقات حُسن الجوار.
جولات الحوار المباشر بين البلدين
عقد الجانبان منذ يناير 2016، أربع جولات من الحوار المباشر بينهما، برعاية من الحكومة العراقية، آخر تلك الجولات في سبتمبر الماضي بمطار بغداد الدولي بين وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، بحضور رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي.
ويشار إلى أن المباحثات السعودية – الإيرانية، التي سبق أن عقدت في العاصمة العراقية بغداد، كانت مثمرة، فقد كان لها دور في محاولتها إذابة جليد العلاقات الذي دام طيلة سنوات.
ووصفت السعودية، المحادثات بأنها ودية لكنها ما زالت استكشافية، بينما قال مسؤول إيراني في أكتوبر: إن المحادثات قطعت “مسافة جيدة”، وفقا لشبكة “BBC”.
كما عقد في 13 ديسمبر حوار أمني بين البلدين بمشاركة خبراء من الجانبين في الأردن، استضافه المعهد العربي لدراسات الأمن، وقد ناقش عدداً من القضايا الأمنية والتقنية، إضافة إلى الحد من تهديد الصواريخ والإجراءات الفنية لبناء الثقة بين الطرفين، وتحديداً فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي، والتعاون في مجال الوقود النووي، ومحاور أخرى.
أسباب المطالبة بالمفاوضات
تسعى السعودية نحو تقليل التوتر في المنطقة، بدءاً من الوصول إلى حل سياسي شامل في اليمن، الذي تقود فيه السعودية حربا على الحوثيين المدعومين من إيران.
وفي أبريل الماضي صرّح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أن بلاده ترغب في إقامة علاقات “طيبة ومميزة” مع جارتها إيران.
وأضاف ولي العهد السعودي: “لا نريد أن يكون وضع إيران صعبا، بالعكس، نريد لإيران أن تنمو وأن يكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار”.
كما ترغب طهران بتحسين علاقتها مع السعودية، وذلك لشعورها المتنامي، بخطر بقاء هذه العلاقات متوترة في ظل توتر علاقة إيران بدول الغرب وأمريكا وإسرائيل، وفقا لموقع “الخليج أونلاين”.
التطلع إلى محادثات جديدة
أعربت السعودية، السبت الماضي، عن تطلعها إلى عقد جولة خامسة من المحادثات مع إيران “رغم عدم إحراز تقدم جوهري” بينهما.
وقال وزير خارجية المملكة، فيصل بن فرحان، في مؤتمر ميونخ للأمن بألمانيا: “نتطلع لـ(عقد) جولة خامسة من المحادثات مع إيران رغم عدم إحراز تقدم جوهري (بيننا)”. معربا عن أمله أن “تكون هناك رغبة جادة من قبل طهران لإيجاد أسلوب جديد للعمل في المنطقة”.
وأضاف: “على طهران أن تعدل في أولوياتها بالمنطقة أولا”.
ومن جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده: إنّ إيران مستعدة لاستئناف الحوار من جديد مع السعودية في العراق، معتبرا أنّ استئنافها منوط بالقرار والإرادة السعوديين.
وأضاف خطيب زاده: ندعو الرياض إلى اتخاذ نهج دبلوماسي وسياسي، واحترام مبدأ عدم التدخل في الدول الأخرى، وهو السبيل الوحيد للمضي قدما”.
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد أكدت في يناير أن طهران منفتحة على الحوار مع السعودية، إذا ابتعدت الرياض عن العنف وإهمال الأمن الإقليمي والتعاون مع القوى خارج المنطقة.